للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَلِمُسْتَحِقٍّ) لِلدَّيْنِ، سَوَاءٌ أَكَانَ هُوَ الْمَضْمُونُ لَهُ أَمْ وَارِثُهُ (مُطَالَبَةُ ضَامِنٍ وَأَصِيلٍ) بِالدَّيْنِ بِأَنْ يُطَالِبَهُمَا جَمِيعًا أَوْ يُطَالِبَ أَيَّهُمَا شَاءَ بِالْجَمِيعِ أَوْ يُطَالِبَ أَحَدَهُمَا بِبَعْضِهِ وَالْآخَرَ بِبَاقِيهِ أَمَّا الضَّامِنُ فَلِخَبَرِ «الزَّعِيمُ غَارِمٌ» وَأَمَّا الْأَصِيلُ، فَلِأَنَّ الدَّيْنَ بَاقٍ عَلَيْهِ

(وَلَوْ بَرِئَ) أَيْ: الْأَصِيلُ مِنْ الدَّيْنِ بِأَدَاءٍ أَوْ إبْرَاءٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ فَهُوَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ وَلَوْ بَرِئَ الْأَصِيلُ (بَرِئَ ضَامِنٌ) مِنْهُ لِسُقُوطِهِ (وَلَا عَكْسُ فِي إبْرَاءٍ) أَيْ لَوْ بَرِئَ الضَّامِنُ بِإِبْرَاءٍ لَمْ يَبْرَأْ الْأَصِيلُ؛ لِأَنَّهُ إسْقَاطٌ لِلْوَثِيقَةِ فَلَا يَسْقُطُ بِهِ الدَّيْنُ كَفَكِّ الرَّهْنِ بِخِلَافِ مَا لَوْ بَرِئَ بِغَيْرِ إبْرَاءٍ كَأَدَاءٍ

(وَلَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا) وَالدَّيْنُ مُؤَجَّلٌ (حَلَّ عَلَيْهِ) ؛ لِأَنَّ ذِمَّتَهُ خَرِبَتْ دُونَ الْحَيِّ فَلَا يَحِلُّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ يَرْتَفِقُ بِالْأَجَلِ فَإِنْ كَانَ الْمَيِّتُ الْأَصِيلَ فَلِلضَّامِنِ أَنْ يُطَالِبَ الْمُسْتَحِقَّ بِأَخْذِ الدَّيْنِ مِنْ تَرِكَتِهِ أَوْ إبْرَائِهِ هُوَ؛ لِأَنَّ التَّرِكَةَ قَدْ تَهْلَكُ فَلَا يَجِدُ مَرْجِعًا إذَا غَرِمَ، وَإِنْ كَانَ الْمَيِّتُ الضَّامِنَ وَأَخَذَ الْمُسْتَحِقُّ الدَّيْنَ مِنْ تَرِكَتِهِ لَمْ يَكُنْ لِوَرَثَتِهِ الرُّجُوعُ عَلَى الْمَضْمُونِ عَنْهُ الْآذَانِ فِي الضَّمَانِ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ

(وَلِضَامِنٍ بِإِذْنٍ مُطَالَبَةُ أَصِيلٍ بِتَخْلِيصِهِ بِأَدَاءٍ إنْ طُولِبَ) كَمَا أَنَّهُ يَغْرَمُهُ إنْ غَرِمَ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُطَالِبْ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَوَجَّهْ إلَيْهِ خِطَابٌ وَلَمْ يَغْرَمْ شَيْئًا وَلَا يُحْبَسُ الْأَصِيلُ، وَإِنْ حُبِسَ

ــ

[حاشية البجيرمي]

لِشَهْرٍ إلَّا بَعْدَ مُضِيِّ الْأَقْصَرِ؛ لِأَنَّ الْأَقْصَرَ ثَبَتَ مَقْصُودًا فِي حَقِّ الضَّامِنِ فَلَا يَحِلُّ بِمَوْتِ الْأَصِيلِ ع ش

. (قَوْلُهُ: وَلِمُسْتَحِقٍّ) هُوَ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِ الْمُحَرَّرِ بِالْمَضْمُونِ لَهُ لِشُمُولِهِ لِلْوَارِثِ لَكِنَّهُ قَدْ يَدْخُلُ فِيهِ الْمُحْتَالُ مَعَ أَنَّهُ لَا يُطَالِبُ الضَّامِنَ لِأَنَّ ذِمَّتَهُ قَدْ بَرِئَتْ بِالْحَوَالَةِ. اهـ. س ل.

(قَوْلُهُ: مُطَالَبَةُ ضَامِنٍ وَأَصِيلٍ) وَلَا مَحْذُورَ فِي مُطَالَبَتِهِمَا، وَإِنَّمَا الْمَحْذُورُ فِي تَغْرِيمِ كُلٍّ مِنْهُمَا كُلَّ الدَّيْنِ وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ الذِّمَّتَيْنِ إنَّمَا اشْتَغَلَتَا بِدَيْنٍ وَاحِدٍ كَالرَّهْنَيْنِ بِدَيْنٍ وَاحِدٍ، فَهُوَ كَفَرْضِ الْكِفَايَةِ يَتَعَلَّقُ بِالْكُلِّ وَيَسْقُطُ بِالْبَعْضِ فَالتَّعَدُّدُ فِيهِ لَيْسَ فِي ذَاتِهِ، بَلْ بِحَسَبِ ذَاتَيْهِمَا وَمِنْ ثَمَّ حَلَّ عَلَى أَحَدِهِمَا فَقَطْ وَتَأَجَّلَ فِي حَقِّ الْآخَرِ شَرْحُ م ر، وَلَوْ ضَمَّنَ الضَّامِنُ آخَرَ وَالْآخَرُ آخَرَ وَهَكَذَا طَالَبَ الْمُسْتَحِقُّ الْجَمِيعَ، وَلَوْ أَفْلَسَ كُلٌّ مِنْهُمَا فَقَالَ: الضَّامِنُ لِلْحَاكِمِ بِعْ أَوَّلًا مَالِ الْمَضْمُونِ عَنْهُ وَقَالَ الْمَضْمُونُ لَهُ أُرِيدُ بَيْعَ مَالِ أَيِّهِمَا شِئْتَ قَالَ الشَّافِعِيُّ: إنْ كَانَ الضَّمَانُ بِالْإِذْنِ أُجِيبَ الضَّامِنُ، وَإِلَّا فَالْمَضْمُونُ لَهُ، وَلَوْ كَانَ بِهِ رَهْنٌ وَضَامِنٌ خُيِّرَ بَيْنَ بَيْعِ الرَّهْنِ وَمُطَالَبَةِ الضَّامِنِ س ل قَالَ ح ل وَكَذَا يُطَالِبُ سَيِّدُ الضَّامِنِ إذَا كَانَ عَبْدًا بِإِذْنِهِ لِيُؤَدِّيَ مِمَّا فِي يَدِ الْعَبْدِ كَمَا تَقَدَّمَ أَيْ: وَإِنْ كَانَ بِهِ رَهْنٌ وَافٍ وَلَهُ حَبْسُهُمَا أَوْ حَبْسُ أَحَدِهِمَا كَمَا فِي بَسْطِ الْأَنْوَارِ.

(قَوْلُهُ: بِالدَّيْنِ) أَيْ: بِجَمِيعِهِ أَوْ بِبَعْضِهِ نَعَمْ إنْ قَالَا ضِمْنًا مَالَكَ عَلَى زَيْدٍ فَكُلٌّ ضَامِنٌ لِلنِّصْفِ فَقَطْ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَلَا يَتَعَدَّدُ وَقَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ: لَا يُطَالَبُ الضَّامِنُ إلَّا إذَا عَجَزَ الْأَصِيلُ وَلَوْ طَالَبَ الْمُسْتَحِقُّ الضَّامِنَ فَقَالَ لَهُ: اذْهَبْ لِلْأَصِيلِ فَطَالِبْهُ فَقَالَ: لَا حَقَّ لِي عِنْدَهُ فَإِنْ جَهِلَ إسْقَاطَ حَقِّهِ بِذَلِكَ وَخَفِيَ عَلَيْهِ وَلَمْ يُرِدْ الْإِقْرَارَ فَحَقُّهُ بَاقٍ، وَإِلَّا سَقَطَ وَلَا مُطَالَبَةَ لَهُ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمَا ق ل وح ف

. (قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ) كَاعْتِيَاضٍ أَوْ حَوَالَةٍ ح ل. (قَوْلُهُ: وَلَا عَكْسَ فِي إبْرَاءٍ) تَعْلِيلُهُ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ إسْقَاطٌ لِلْوَثِيقَةِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ إبْرَاؤُهُ مِنْ الضَّمَانِ أَمَّا إذَا أَبْرَأَهُ مِنْ الدَّيْنِ فَفِي شَرْحِ م ر أَنَّهُ يَبْرَأُ الْأَصِيلُ أَيْضًا إنْ قَصَدَ إسْقَاطَهُ عَنْهُ، وَإِلَّا فَلَا وَفِي كَلَامِ شَيْخِنَا شَمَلَ كَلَامُهُ مَا لَوْ أَبْرَأَ الضَّامِنَ مِنْ الدَّيْنِ فَلَا يَبْرَأُ الْأَصِيلُ إلَّا إنْ قَصَدَ إسْقَاطَهُ عَنْ الْمَضْمُونِ ح ل.

(قَوْلُهُ: كَفَّكِ الرَّهْنِ) أَيْ: لَوْ أَسْقَطَ الْمُرْتَهِنُ حَقَّهُ مِنْهُ ح ل

. (قَوْلُهُ: وَلَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا وَالدَّيْنُ مُؤَجَّلٌ) أَيْ: مَا لَمْ يَضْمَنْ الْمُؤَجَّلَ حَالًا أَوْ يَضْمَنُ الْمُؤَجَّلَ إلَى شَهْرَيْنِ مُؤَجَّلًا إلَى شَهْرٍ، وَإِلَّا فَيَحِلُّ عَلَيْهِمَا بِمَوْتِ الْأَصِيلِ؛ لِأَنَّ الْأَجَلَ إنَّمَا ثَبَتَ فِي حَقِّ الضَّامِنِ تَبَعًا لِلْأَصِيلِ، وَقَدْ زَالَتْ التَّبَعِيَّةُ بِمَوْتِهِ فَرَجَعَ الضَّامِنُ إلَى أَصْلِ الْتِزَامِهِ كَمَا فِي شَرْحِ م ر وَكَلَامُ ح ل هُنَا غَيْرُ ظَاهِرٍ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّنَافِي تَأَمَّلْ وَلَا يَحِلُّ الْمُؤَجَّلُ إلَى شَهْرَيْنِ إلَّا بَعْدَ مُضِيِّ الشَّهْرِ الَّذِي الْتَزَمَهُ كَمَا قَالَهُ س ل.

(قَوْلُهُ: خَرِبَتْ) عِبَارَةُ الْمُخْتَارِ خَرِبَ الْمَوْضِعُ بِالْكَسْرِ خَرَابًا، فَهُوَ خَرِبٌ وَدَارٌ خَرِبَةٌ ع ش.

(قَوْلُهُ: فَلِلضَّامِنِ أَنْ يُطَالِبَ) أَيْ: إنْ ضَمِنَ بِالْإِذْنِ عَلَى الْمُرَجَّحِ فَإِنْ ضَمِنَ بِغَيْرِ إذْنٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ إذْ لَا رُجُوعَ لَهُ حِينَئِذٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ م ر وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ الشَّارِحِ فَلَا يَجِدُ مَرْجِعًا إلَخْ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّ التَّرِكَةَ إلَخْ) هَذَا يُرْشِدُ إلَى أَنَّ الْكَلَامَ فِي الضَّامِنِ بِالْإِذْنِ وَأَنَّ الضَّامِنَ بِغَيْرِ الْإِذْنِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا رُجُوعَ لَهُ، وَهُوَ قِيَاسُ مَا مَرَّ فِي إفْلَاسِ الْأَصِيلِ، وَلَوْ قِيلَ لَهُ ذَلِكَ فِيهِمَا مُطْلَقًا حَتَّى لَا يَغْرَمَ لَمْ يَبْعُدْ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّهُ مُقَصِّرٌ بِعَدَمِ الِاسْتِبْدَالِ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: قَدْ تَهْلِكُ) بِكَسْرِ اللَّامِ قَالَ تَعَالَى {لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ} [الأنفال: ٤٢]

. (قَوْلُهُ: وَلِضَامِنٍ بِإِذْنٍ إلَخْ) لَعَلَّ الْأَوْلَى تَقْدِيمُهُ عَلَى قَوْلِهِ، وَلَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا إلَخْ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُطَالِبْ) أَيْ: وَبِخِلَافِ مَا إذَا ضَمِنَ بِغَيْرِ الْإِذْنِ فَلَيْسَ لَهُ مُطَالَبَتُهُ بِأَنَّهُ لَمْ يُسَلِّطْهُ عَلَيْهِ شَرْحُ م ر فَإِنْ دَفَعَ لَهُ الْأَصِيلُ ذَلِكَ حِينَئِذٍ أَيْ: قَبْلَ الْغُرْمِ وَالْمُطَالَبَةِ لَمْ يَمْلِكْهُ وَلَزِمَهُ رَدُّهُ وَضَمَانُهُ إنْ تَلِفَ كَالْمَقْبُوضِ بِشِرَاءٍ فَاسِدٍ فَلَوْ قَالَ لَهُ اقْضِ بِهِ مَا ضَمِنْتَهُ عَنِّي كَانَ وَكِيلًا وَالْمَالُ فِي يَدِهِ أَمَانَةٌ ح ل. (قَوْلُهُ: وَلَا يَحْبِسُ الْأَصِيلَ إلَخْ) أَيْ: وَلَيْسَ لِلضَّامِنِ حَبْسُ الْأَصِيلِ وَلَهُ طَلَبُ حَبْسِهِ مَعَهُ بِأَنْ يَقُولَ لِلْحَاكِمِ: احْبِسْهُ مَعِي، وَإِنْ كَانَ لَا يُجَابُ لَعَلَّهُ يُوَفِّي عِنْدَ سَمَاعِ ذَلِكَ وَكَتَبَ أَيْضًا وَلَهُ مُطَالَبَةُ الْأَصِيلِ وَفَائِدَةُ مُطَالَبَتِهِ حِينَئِذٍ إحْضَارُهُ مَجْلِسَ الْحُكْمِ وَتَفَسُّقُهُ إذَا امْتَنَعَ حَيْثُ كَانَ مُوسِرًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>