فِي حَقِّ مُوَلِّيهِ مِنْ صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَسَفِيهٍ كَأَبٍ وَجَدٍّ فِي التَّزْوِيجِ وَالْمَالِ وَوَصِيٍّ وَقَيِّمٍ فِي الْمَالِ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ تَوْكِيلُ صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَمُغْمًى عَلَيْهِ وَأَنَّهُ يَصِحُّ تَوْكِيلُ السَّفِيهِ بِمَا يَسْتَقِلُّ بِهِ مِنْ التَّصَرُّفِ وَأَنَّهُ لَا يَصِحُّ تَوْكِيلُ الْمَرْأَةِ فِي نِكَاحٍ وَلَا الْمُحْرِمِ فِي غَيْرِ مَا مَرَّ لِعَدَمِ صِحَّةِ مُبَاشَرَتِهِمَا لَهُ، وَلَوْ أَذِنَتْ لِوَلِيِّهَا بِصِيغَةِ التَّوْكِيلِ كَوَكَّلْتُكَ فِي تَزْوِيجِي صَحَّ كَمَا فِي الْبَيَانِ عَنْ النَّصِّ وَصَوَّبَهُ فِي الرَّوْضَةِ، وَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ تَوْكِيلُ الْوَلِيِّ فِي حَقِّ الطِّفْلِ
(وَ) شَرْطٌ (فِي الْوَكِيلِ صِحَّةُ مُبَاشَرَتِهِ التَّصَرُّفَ) الْمَأْذُونَ فِيهِ (لِنَفْسِهِ) ، وَإِلَّا فَلَا يَصِحُّ تَوَكُّلُهُ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى التَّصَرُّفِ لِنَفْسِهِ فَلِغَيْرِهِ أَوْلَى فَلَا يَصِحُّ تَوَكُّلُ صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَمُغْمًى عَلَيْهِ وَلَا تَوَكُّلُ امْرَأَةٍ فِي نِكَاحٍ وَلَا مُحْرِمٍ لِيَعْقِدَهُ فِي إحْرَامِهِ وَخَرَجَ بِقَوْلِي (غَالِبًا) مَا اُسْتُثْنِيَ كَالْمَرْأَةِ فَتَتَوَكَّلُ
ــ
[حاشية البجيرمي]
جَانِبُ الْمَوْلَى عَلَيْهِ فَلَا يَنْعَزِلُ بِبُلُوغِهِ رَشِيدًا، وَأَمَّا إذَا أَطْلَقَ فَيَنْبَغِي أَنَّ الْوَكِيلَ فِيهَا وَكِيلٌ عَنْ الْوَلِيِّ كَمَا فِي سم عَلَى حَجّ فَهِيَ كَالصُّورَةِ الْأُولَى وَفِي ز ي أَنَّهُ يَكُونُ وَكِيلًا عَنْ الْمَوْلَى عَلَيْهِ فَهِيَ كَالثَّانِيَةِ وَالْأَقْرَبُ مَا قَالَهُ سم؛ لِأَنَّ التَّصَرُّفَ مَطْلُوبٌ مِنْهُ فَيَقَعُ التَّوْكِيلُ عَنْ نَفْسِهِ، وَإِنْ كَانَتْ مَنْفَعَتُهُ عَائِدَةً عَلَى الْمَوْلَى عَلَيْهِ لَكِنَّ مَا قَالَهُ ز ي هُوَ قِيَاسُ مَا فِي خُلْعِ الْأَجْنَبِيِّ مِنْ أَنَّ وَكِيلَهَا لَوْ أَطْلَقَ فَلَمْ يُضِفْ الْعَوْدَ لَهُ وَلَا لَهَا وَقَعَ لَهَا لِعَوْدِ الْمَنْفَعَةِ إلَيْهَا. اهـ. ح ل وع ش.
(قَوْلُهُ: فِي حَقِّ مُوَلِّيهِ) مُتَعَلِّقٌ بِكُلٍّ مِنْهُمَا ح ل.
(قَوْلُهُ: كَأَبٍ وَجَدٍّ) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَعْجَزَا عَنْ مُبَاشَرَةِ ذَلِكَ، وَإِنْ لَاقَتْ بِهِمَا الْمُبَاشَرَةُ وَقَوْلُهُ: وَوَصِيٍّ وَقَيِّمٍ أَيْ: فِيمَا عَجَزَا عَنْهُ أَوْ لَا يَلِيقُ بِهِمَا مُبَاشَرَتُهُ بِخِلَافِ الْأَبِ وَالْجَدِّ ح ل. وَالْحَاصِلُ أَنَّ التَّوْكِيلَ مِنْ الْأَبِ وَالْجَدِّ يَصِحُّ مُطْلَقًا وَمِنْ الْوَصِيِّ وَالْقَيِّمِ إنْ عَجَزَا أَوْ لَمْ تَلِقْ بِهِمَا الْمُبَاشَرَةُ وَمِثْلُهُمَا الْوَكِيلُ كَمَا فِي ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: فَعُلِمَ) أَيْ: مِنْ قَوْلِهِ وَشَرْطٌ فِي الْمُوَكِّلِ صِحَّةُ إلَخْ أَيْ: فَلَمْ يَخْلُ بِهِ مِنْ كَلَامِ الْأَصْلِ اط ف.
(قَوْلُهُ: لَا يَصِحُّ تَوْكِيلُ صَبِيٍّ) مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِفَاعِلِهِ أَيْ: فَلَا يَصِحُّ أَنْ يُوَكِّلَ غَيْرَهُ فِي أَنْ يَتَمَلَّكَ لَهُ الْمُبَاحَاتِ ع ش.
(قَوْلُهُ: بِمَا يَسْتَقْبِلُ بِهِ مِنْ التَّصَرُّفِ) أَيْ: كَالْوَصِيَّةِ وَالصُّلْحِ عَنْ قِصَاصٍ لَهُ، وَلَوْ عَلَى أَقَلِّ مِنْ الدِّيَةِ أَوْ عَلَيْهِ، وَلَوْ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ الدِّيَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا تَقَدَّمَ فِي بَابِ حَجْرِ السَّفَهِ كَالطَّلَاقِ اط ف.
(قَوْلُهُ: وَأَنَّهُ لَا يَصِحُّ تَوْكِيلُ الْمَرْأَةِ) مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِفَاعِلِهِ أَيْ لَا تُوَكِّلُ الْمَرْأَةُ أَجْنَبِيًّا فِي نِكَاحٍ أَيْ: فِي تَزْوِيجِهَا أَوْ غَيْرِهَا ز ي بِخِلَافِ مَا لَوْ وَكَّلَهَا الْوَلِيُّ لِتُوَكِّلَ عَنْهُ رَجُلًا فِي تَزْوِيجِ ابْنَتِهِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ، نَقَلَهُ الْمُتَوَلِّي عَنْ الشَّافِعِيِّ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَلَا الْمُحْرِمِ) بِأَنْ يَقُولَ وَكَّلْتُكَ تَقْبَلُ لِي عَقْدَ النِّكَاحِ فِي حَالَةِ إحْرَامِي. (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَذِنَتْ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَلَا تَوْكِيلَ الْمَرْأَةِ لِغَيْرِهَا فِي النِّكَاحِ؛ لِأَنَّهَا لَا تُبَاشِرُهُ وَلَا يَرِدُ صِحَّةُ إذْنِهَا لِوَلِيِّهَا بِلَفْظِ الْوَكَالَةِ؛ لِانْتِفَاءِ كَوْنِهِ وَكَالَةً حَقِيقَةً، وَإِنَّمَا هُوَ مُتَضَمِّنٌ لِلْإِذْنِ اهـ بِحُرُوفِهِ.
(قَوْلُهُ: صَحَّ) أَيْ: الْإِذْنُ لَا التَّوْكِيلُ فَيَكُونُ الْوَلِيُّ حِينَئِذٍ مَأْذُونًا لَهُ لَا وَكِيلًا وَيَنْبَنِي عَلَى هَذَا أَنَّهَا لَوْ جَعَلَتْ لَهُ أُجْرَةً لَا يَسْتَحِقُّهَا، وَلَوْ صَحَّتْ الْوَكَالَةُ لَاسْتَحَقَّهَا نَظِيرَ مَا يَأْتِي. (قَوْلُهُ: أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ إلَخْ) أَيْ: لِشُمُولِهِ التَّوْكِيلَ عَنْ نَفْسِهِ ع ش
. (قَوْلُهُ: لِنَفْسِهِ) قَيَّدَ التَّصَرُّفَ هُنَا بِكَوْنِهِ لِنَفْسِهِ وَأَطْلَقَهُ فِي جَانِبِ الْمُوَكِّلِ فَشَمَلَ صِحَّةَ تَصَرُّفِهِ فِيهِ بِمِلْكٍ لَهُ أَوْ وَلَايَةٍ عَلَيْهِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ عَمَّمَ هُنَا لَكَانَ الْمَعْنَى صِحَّةَ تَصَرُّفِهِ فِيهِ لِنَفْسِهِ أَوْ عَنْ غَيْرِهِ بِأَنْ يَكُونَ وَكِيلًا أَوْ وَلِيًّا فَيَصِيرُ الْحَاصِلُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِيمَنْ يَصِحُّ كَوْنُهُ وَكِيلًا أَنْ يَكُونَ مَالِكًا أَوْ وَكِيلًا أَوْ وَلِيًّا، وَكَوْنُ الَّذِي يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ وَكِيلًا شَرْطُهُ أَنْ يَكُونَ وَكِيلًا أَوْ وَلِيًّا لَا مَعْنَى لَهُ ع ش. (قَوْلُهُ: فَلَا يَصِحُّ تَوَكُّلُ صَبِيٍّ) مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِفَاعِلِهِ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ فَلَا يَصِحُّ تَوْكِيلُ صَبِيٍّ وَعَلَيْهِ فَالْإِضَافَةُ لِلْمَفْعُولِ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَلَا تَوَكُّلُ امْرَأَةٍ) وَلَوْ احْتِمَالًا كَالْخُنْثَى وَكَالنِّكَاحِ الرَّجْعَةُ وَاخْتِيَارُ الزَّوْجَاتِ لِمَنْ أَسْلَمَ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ: فِي نِكَاحٍ أَيْ: إيجَابًا أَوْ قَبُولًا، وَكَذَا مَا بَعْدَهُ. (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِقَوْلِي) لَعَلَّ حِكْمَةَ الْمُغَايَرَةِ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا مَرَّ حَيْثُ أَخَّرَ قَوْلَهُ: وَخَرَجَ عَنْ غَالِبًا وَقَالَ: وَخَرَجَ بِهِ إلَخْ وَقَدَّمَ خَرَجَ هُنَا عَلَى غَالِبًا كَمَا تَرَى أَنَّ غَالِبًا ذُكِرَتْ فِي الْمَحَلَّيْنِ لِلتَّقْيِيدِ، وَالْأَصْلُ فِي الْإِخْرَاجِ بِالْقُيُودِ أَنْ يَتَأَخَّرَ مَا يَخْرُجُ بِهَا عَنْهَا فَجَرَى ثَمَّ عَلَى الْأَصْلِ، وَلَمَّا عُلِمَ التَّقْيِيدُ بِغَالِبًا نَصًّا مِنْ قَوْلِهِ السَّابِقِ هُوَ وَنَظِيرُهُ الْآتِي أَوْلَى كَانَ التَّقْيِيدُ بِهِ كَأَنَّهُ مَذْكُورٌ هُنَا فَنَاسَبَ أَنْ يَقُولَ فِيهِ وَخَرَجَ بِقَوْلِي إلَخْ؛ لِأَنَّهُ صَارَ الْإِخْرَاجُ كَأَنَّهُ بَعْدَ ذِكْرِ الْقَيْدِ ع ش.
(قَوْلُهُ: مَا اسْتَثْنَى إلَخْ) لَمْ يَقُلْ هُنَا كَسَابِقِهِ مِنْ الْعَكْسِ مَعَ أَنَّ هَذِهِ الْمُسْتَثْنَيَاتِ كُلَّهَا مِنْهُ كَمَا قَالَ سم، وَأَمَّا الطَّرْدُ فَقَالَ السُّبْكِيُّ: لَا يُسْتَثْنَى مِنْهُ شَيْءٌ وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ: يُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا لَوْ وَكَّلَ الْوَلِيُّ فَاسِقًا فِي بَيْعِ مَالِ مُوَلِّيهِ فَإِنَّ الْفَاسِقَ يَصِحُّ أَنْ يَتَصَرَّفَ لِنَفْسِهِ وَلَا يَتَوَكَّلُ عَنْ غَيْرِهِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ قَالَ: وَمِمَّا يُسْتَثْنَى مِنْ الْعَكْسِ مَا لَوْ وَكَّلَ مُسْلِمٌ كَافِرًا فِي شِرَاءِ مُسْلِمٍ أَيْ: لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ شِرَاؤُهُ فِي الْجُمْلَةِ كَمَا لَوْ حُكِمَ بِعِتْقِهِ عَلَيْهِ، وَتَوَكُّلُ الْمُحْرِمِ فِي نِكَاحِ مَحَارِمِهِ كَتَوْكِيلِ الْأَخِ فِي قَبُولِ نِكَاحِ أُخْتِهِ وَتَوْكِيلِ الْمُوسِرِ فِي قَبُولِ نِكَاحِ الْأَمَةِ اط ف، وَقَدْ يُقَالُ عَدَمُ صِحَّةِ تَوْكِيلِ الْفَاسِقِ.