للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مَنْدُوبٌ إلَيْهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} [المائدة: ٢]

(أَرْكَانُهَا) أَرْبَعَةٌ (مُوَكِّلٌ وَوَكِيلٌ وَمُوَكَّلٌ فِيهِ وَصِيغَةٌ وَشَرْطٌ فِي الْمُوَكِّلِ صِحَّةُ مُبَاشَرَتِهِ الْمُوَكَّلَ فِيهِ) ، وَهُوَ التَّصَرُّفُ الْمَأْذُونُ فِيهِ، وَإِلَّا فَلَا يَصِحُّ تَوْكِيلُهُ، لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى التَّصَرُّفِ بِنَفْسِهِ فَبِنَائِبِهِ أَوْلَى

(غَالِبًا) هُوَ وَنَظِيرُهُ الْآتِي أَوْلَى مِمَّا عَبَّرَ بِهِ، وَخَرَجَ بِهِ مَا اُسْتُثْنِيَ مِنْ الطَّرْدِ كَظَافِرٍ بِحَقِّهِ فَلَا يُوَكِّلُ فِي كَسْرِ الْبَابِ وَأَخْذِ حَقِّهِ وَكَوَكِيلٍ قَادِرٍ وَعَبْدٍ مَأْذُونٍ لَهُ وَسَفِيهٍ مَأْذُونٍ لَهُ فِي نِكَاحٍ وَمِنْ الْعَكْسِ كَالْأَعْمَى يُوَكِّلُ فِي تَصَرُّفٍ، وَإِنْ لَمْ تَصِحَّ مُبَاشَرَتُهُ لَهُ لِلضَّرُورَةِ وَهَذَا مَذْكُورٌ فِي الْأَصْلِ وَكَمُحْرِمٍ يُوَكِّلُ حَلَالًا فِي النِّكَاحِ بَعْدَ التَّحَلُّلِ أَوْ يُطْلِقُ وَكَمُحْرِمٍ يُوَكِّلُهُ حَلَالٌ فِي التَّوْكِيلِ فِيهِ (فَيَصِحُّ تَوْكِيلُ وَلِيٍّ) عَنْ نَفْسِهِ أَوْ مُوَلِّيهِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

الشَّارِحِ: فَهِيَ جَائِزَةٌ بَعْدَ قَوْلِهِ

وَالْحَاجَةُ دَاعِيَةٌ

إلَيْهَا؛ لِأَنَّ مَا كَانَ أَصْلُ وَضْعِهِ الْحَاجَةَ لَا يَكُونُ إلَّا مَطْلُوبًا، وَقَدْ تَحْرُمُ إنْ كَانَ فِيهَا إعَانَةٌ عَلَى حَرَامٍ وَتُكْرَهُ إنْ كَانَ فِيهَا إعَانَةٌ عَلَى مَكْرُوهٍ وَتَجِبُ إنْ تَوَقَّفَ عَلَيْهَا دَفْعُ ضَرُورَةِ الْمُوَكِّلِ كَتَوْكِيلِ الْمُضْطَرِّ غَيْرَهُ فِي شِرَاءِ طَعَامٍ عَجَزَ عَنْ شِرَائِهِ، وَقَدْ يُتَصَوَّرُ فِيهَا الْإِبَاحَةُ أَيْضًا بِأَنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُوَكِّلِ حَاجَةٌ فِي الْوَكَالَةِ وَسَأَلَهُ الْوَكِيلُ لَا لِغَرَضٍ.

(قَوْلُهُ: مَنْدُوبٌ إلَيْهَا) أَيْ: مَدْعُوٌّ إلَيْهَا مِنْ الشَّارِعِ وَالْمُرَادُ مَنْدُوبٌ إلَى قَبُولِهَا، وَكَذَا إيجَابُهَا إنْ كَانَ الْوَكِيلُ قَادِرًا وَالْمُوَكِّلُ عَاجِزًا وَالْمُوَكِّلُ فِيهِ طَاعَةٌ س ل

. (قَوْلُهُ: مُوَكِّلٌ وَوَكِيلٌ) لَمْ يَقُلْ عَاقِدٌ لِاخْتِلَاطِ الشُّرُوطِ الْمُعْتَبَرَةِ فِي كُلٍّ مِنْ الْوَكِيلِ وَالْمُوَكِّلِ ع ش. (قَوْلُهُ: صِحَّةُ مُبَاشَرَتِهِ) الْأَصَحُّ أَنَّ الْمُرَادَ صِحَّةُ مُبَاشَرَتِهِ لِذَلِكَ الْجِنْسِ، وَإِنْ امْتَنَعَ عَلَيْهِ التَّصَرُّفُ بِنَفْسِهِ فِي بَعْضِ أَفْرَادِهِ فَحِينَئِذٍ يَصِحُّ تَوْكِيلُ شَخْصٍ فِي نِكَاحِ أُخْتِ زَوْجَتِهِ، وَكَذَا مَنْ تَحْتَهُ أَرْبَعٌ فِي نِكَاحِ امْرَأَةٍ وَتَوْكِيلُهُ فِي نِكَاحِ مَحْرَمِهِ س ل وَفِيهِ أَنَّ الْمُوَكِّلَ فِيهِ الْعَقْدُ عَلَيْهِنَّ، وَهُوَ يَصِحُّ أَنْ يُبَاشِرَهُ بِنَفْسِهِ بِأَنْ يُزَوِّجَهُنَّ لِغَيْرِهِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنْ يَتَزَوَّجَهُنَّ لِنَفْسِهِ فَلَا حَاجَةَ لِمَا ذَكَرَهُ س ل.

(قَوْلُهُ: غَالِبًا) قَالَ سم: لَا حَاجَةَ إلَيْهِ مَعَ قَوْلِهِ وَشَرْطٌ إلَخْ بِالنِّسْبَةِ لِمَا اُسْتُثْنِيَ مِنْ الطَّرْدِ؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ لَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهِ وُجُودُ الْمَشْرُوطِ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَلَا يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ، وَإِنَّمَا يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ فِي كَلَامِ مَنْ عَبَّرَ بِقَوْلِهِ وَكُلُّ مَا جَازَ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيهِ بِنَفْسِهِ جَازَ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ فِيهِ غَيْرَهُ إلَّا أَنْ يُقَالَ: كَلَامُهُ يَئُولُ لِمَا ذُكِرَ فَقَوْلُهُ: مَا اُسْتُثْنِيَ مِنْ الطَّرْدِ أَيْ: فِي كَلَامِ غَيْرِهِ الَّذِي لَيْسَ فِيهِ غَالِبًا، وَهُوَ الضَّابِطُ الْمُتَقَدِّمُ فِي كَلَامِ غَيْرِهِ، وَهُوَ أَيْ: غَالِبًا مُتَعَلِّقٌ بِصِحَّةٍ. (قَوْلُهُ: مِنْ الطَّرْدِ) الطَّرْدُ هُوَ الْمَنْطُوقُ، وَهُوَ كُلُّ مَنْ صَحَّتْ مُبَاشَرَتُهُ بِمِلْكٍ أَوْ وَلَايَةٍ صَحَّ تَوْكِيلُهُ وَالْعَكْسُ هُوَ الْمَفْهُومُ، وَهُوَ كُلُّ مَنْ لَا تَصِحُّ مِنْهُ الْمُبَاشَرَةُ لَا يَصِحُّ مِنْهُ التَّوْكِيلُ م ر ع ش.

(قَوْلُهُ: فَلَا يُوَكِّلُ فِي كَسْرِ الْبَابِ) ، وَإِنْ عَجَزَ عَنْ الْمُبَاشَرَةِ ز ي وح ل.

(قَوْلُهُ: قَادِرٍ) أَيْ: وَلَاقَتْ بِهِ الْمُبَاشَرَةُ، وَإِلَّا فَلَهُ التَّوْكِيلُ س ل.

(قَوْلُهُ: فِي نِكَاحٍ) قَيَّدَ فِي السَّفِيهِ فَقَطْ؛ لِأَنَّ غَيْرَ النِّكَاحِ مِنْ بَيْعٍ أَوْ شِرَاءٍ لَا يَصِحُّ مِنْ السَّفِيهِ، وَلَوْ أَذِنَ فِيهِ وَلِيُّهُ بِخِلَافِ الْعَبْدِ فَيَصِحُّ إذْنُ السَّيِّدِ لَهُ فِي النِّكَاحِ وَفِي غَيْرِهِ مِنْ التِّجَارَةِ وَنَحْوِهَا وَمَعَ ذَلِكَ لَا يُوَكِّلُ ع ش. (قَوْلُهُ: كَالْأَعْمَى) لَمْ يَأْتِ بِهِ نَكِرَةً كَمَا سَبَقَ فِي قَوْلِهِ كَظَافِرٍ؛ لِأَنَّ الْأَعْمَى قِسْمَانِ: قِسْمٌ يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ كَمَنْ رَأَى قَبْلَ عَمَاهُ شَيْئًا وَقِسْمٌ لَا يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ فَأَشَارَ إلَى تَقْيِيدِهِ بِالتَّعْرِيفِ شَوْبَرِيٌّ قَالَ السُّبْكِيُّ: الْأَعْمَى عِنْدَ مَالِكٍ رَشِيدٌ إلَّا أَنَّ فِيهِ خَلَلًا مِنْ جِهَةِ الرُّؤْيَةِ. (قَوْلُهُ: يُوَكِّلُ فِي تَصَرُّفٍ) أَيْ: مِنْ بَيْعٍ أَوْ شِرَاءٍ أَوْ غَيْرِهِمَا مِمَّا يَتَوَقَّفُ عَلَى الرُّؤْيَةِ كَإِجَارَةٍ وَأَخْذِ شُفْعَةٍ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: وَكَمُحْرِمٍ يُوَكِّلُ حَلَالًا فِي النِّكَاحِ) أَيْ: فِي إيجَابِهِ إنْ كَانَ يُزَوِّجُ مُوَلِّيَتَهُ وَفِي قَبُولِهِ إنْ كَانَ يَتَزَوَّجُ بِنَفْسِهِ،

وَقَوْلُهُ: بَعْدَ التَّحَلُّلِ أَيْ: الثَّانِي

وَقَوْلُهُ: فِي التَّوْكِيلِ فِيهِ أَيْ: إيجَابًا أَوْ قَبُولًا أَيْضًا كَأَنْ يَقُولَ الْمُحْرِمُ وَكَّلْتُكَ لِتَعْقِدَ لِفُلَانٍ الْحَلَالِ الَّذِي وَكَّلَنِي، سَوَاءٌ قَالَ بَعْدَ التَّحَلُّلِ أَوْ قَالَ الْآنَ أَيْ: فِي زَمَنِ الْإِحْرَامِ أَوْ أَطْلَقَ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمُوَكِّلَ الْأَصْلِيَّ حَلَالٌ، وَهَذَا التَّعْمِيمُ مَحَلُّهُ إذَا كَانَ مَنْ يُوَكِّلُهُ الْمُحْرِمُ حَلَالًا، فَإِنْ وَكَّلَ مُحْرِمًا آخَرَ فَلَا بُدَّ أَنْ يَقُولَ لَهُ: لِتَعْقِدَ بَعْدَ التَّحَلُّلِ أَوْ يُطْلِقَ فَإِنْ قَالَ لَهُ: لِتَعْقِدَ حَالَةَ الْإِحْرَامِ لَمْ يَصِحَّ.

(قَوْلُهُ: وَكَمُحْرِمٍ يُوَكِّلُهُ حَلَالٌ فِي التَّوْكِيلِ فِيهِ) أَيْ: الْآنَ أَيْ: وَقْتَ الْإِحْرَامِ فَهَذَا الْمُحْرِمُ لَا يَصِحُّ أَنْ يُبَاشِرَ النِّكَاحَ وَيَصِحُّ تَوْكِيلُهُ فِيهِ، وَفِيهِ أَنَّ هَذَا مَعْلُومٌ مِمَّا قَبْلَهُ وَأَنَّ الْمُوَكِّلَ فِيهِ إنَّمَا هُوَ التَّوْكِيلُ فِي النِّكَاحِ، وَهَذَا يَصِحُّ أَنْ يُبَاشِرَهُ إلَّا أَنْ يُقَالَ: مُرَادُ الشَّارِحِ التَّوْكِيلُ مِنْهُ لِيَعْقِدَ الْوَكِيلُ فِي حَالِ الْإِحْرَامِ، وَهُوَ لَا يَصِحُّ أَنْ يُبَاشِرَهُ ح ل.

(قَوْلُهُ: أَوْ مُوَلِّيهِ) أَيْ: أَوْ عَنْهُمَا بِجَعْلِ أَوْ مَانِعَةَ خُلُوٍّ أَوْ يُطْلِقُ فَالصِّوَرُ أَرْبَعٌ وَفِي كُلٍّ التَّوْكِيلُ فِي حَقِّ مُوَلِّيهِ، وَفَائِدَةُ وَكَالَتِهِ عَنْ الْوَلِيِّ أَوْ عَنْ الطِّفْلِ أَوْ عَنْهُمَا عَدَمُ انْعِزَالِهِ بِبُلُوغِ الطِّفْلِ رَشِيدًا إذَا كَانَ وَكِيلًا عَنْهُ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ عَنْ الْوَلِيِّ، وَلَوْ كَانَ وَكِيلًا عَنْهُمَا مَعًا فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَنْعَزِلُ بِالنِّسْبَةِ لِلْوَلِيِّ لَا بِالنِّسْبَةِ لِلطِّفْلِ الَّذِي بَلَغَ رَشِيدًا شَوْبَرِيٌّ فَيُغَلَّبُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>