مَنْ اسمٌ لمن يصلُح أن يخاطب، وهو مبهَم غير متمكّن، وهو في اللفظ واحد ويكون في معنى الجماعة، كقوله تعالى: ومِنَ الشياطينِ مَنْ يَغوصونَ له. ولها أربعة مواضع: الاستفهام، نحو مَنْ عندك. والخبر، نحو رأين مَنْ عندك. والجزاء، نحو مَنْ يُكرِمُني أُكرِمه. وتكون نكرةً موصوفةً، نحو مررت بمَنْ مُحْسِنٍ، أي بإنسانٍ مُحْسِنٍ. وإذا جعلت مَنْ اسماً متمكِّناً شدَّدته لأنَّه على حرفين. كقول الراجز:
حتَّى أنَخْناها إلى مَنٍّ ومَنْ
أي أبركناها إلى رجلٍ وأيِّ رجل يريد بذلك تعظيم شأنه. ومِنْ بالكسر: حرفٌ خافضٌ، وهو لابتداء الغاية: كقولك: خرجت مِنْ بغدادَ إلى الكوفة. وقد تكون للتبعيض كقولك: هذا الدرهم مِنْ الدراهم. وقد تكون للبيان والتفسير، كقولك: لله درّك مِنْ رجلٍ! فتكون مِنْ مفسِّرةً للاسم المكنَّى في قولك درّك وترجمةً عنه. وقوله تعالى: ويُنَزِّلُ مِنَ السماءِ مِنْ جِبالٍ فيها مِنْ بَرَدٍ، فالأولى لابتداء الغاية، والثانية للتبعيض، والثالثة للتفسير والبيان. وقد تدخل مِنْ توكيداً لغواً كقولك: ما جاءني مِنْ أحدٍ، وويحَهُ مِنْ رجلٍ، أكَّدتهما بمِنْ. وقوله تعالى: فاجتنبوا الرِجْسَ مِنَ الأوثان، أي فاجتنبوا الرِجْسَ الذي هو الأوثان. وكذلك ثوبٌ مِنْ خَزٍّ. وقال الأخفش في قوله تعالى: وتَرى الملائكةَ حافِّينَ مِنْ حَوْلِ العَرْش وقوله تعالى: ما جَعَلَ اللهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ في جَوْفِهِ: إنَّما أدخل مِنْ توكيداً، كما تقول رأيت زيداً نفسه. وتقول العرب: ما رأيته مِنْ سنةٍ، أي منذ سنة. قال تعالى: لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ على التَّقوى مِنْ أوَّلِ يومٍ. وقال زهير:
لِمَنِ الديارُ بقُنَّةِ الحِجْرِ ... أَقْوَيْنَ من حِجَجٍ ومِنْ دَهْرِ
وقد تكون بمعنى على، كقوله تعالى: ونَصَرْناهُ مِنَ القوم، أي على القوم. وقولهم في القَسَمِ: مِنْ ربّي ما فعلتُ، فمِنْ حرف جرّ وضعت موضع الباء ههنا، لأنَّ حروف الجر ينوب بعضُها عن بعض إذا لم يلتبس المعنى. ومن العرب من يحذف نونه عند الألف واللام لالتقاء الساكنين، كما قال:
أبلغْ أبا دَخْتَنوسَ مَأْلُكَةً ... غير الذي قد يقال مِلْكَذَبِ