للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الخطيب يوم العيد وذكر الناس بهذه النعمة. وكان سبب رجوع التتر قلةُ العلف وغلاء الأسعار وموت كثير (١) منهم، وأشار على سلطانهم بالرجوع الرَّشيدُ وجُوْبانُ (٢).

وفي ثامن شوّال دقت البشائر بدمشقَ [بسبب خروج السلطان من مصر لأجل ملاقاة التتر] (٣)، وخرج الرَّكبُ في نصف شوَّال وأميرهم حسام الدين لاجين الصَّغير، الذي كان والي البر، وقدمت العساكر المصرية أرسالًا (٤)، وكان قدوم السلطان ودخوله دمشق يوم الثلاثاء (٥) ثالث عشرين شوال، واحتفل الناس لدخوله فنزل القلعة وقد زينت البلد ودقت (٦) البشائر، ثم انتقل بعد ليلتئذ (٧) إلى القصر وصلّى الجمعة بالجامع بالمقصورة وخَلع على الخطيب، وجلس في دار العدل الإثنين، وقدم وزيره أمينُ الملك يوم الثلاثاء عشرين الشهر.

وقدم صحبة السُّلطان الشيخ الإمام العالم العلامة تقي الدين أبو العباس أحمد بن تيمية إلى دمشق يوم الأربعاء مُسْتهلّ ذي القعدة، وكانت غيبته عنها سبع سنين كوامل، ومعه أخواه وجماعةٌ من أصحابه، وخرج خلق كثير لتلقيه وسرُّوا بقدومه وعافيته ورؤيته، واستبشروا به حتى خرج خلق من النساء أيضًا لرؤيته (٨)، وقد كان السلطان صحبه معه من مصر، فخرج معه بنيَّة الغَزَاة، فلما تحقق عدم الغزاة وأن التتر رجعوا إلى بلادهم (٩) فارق الجيش من غزّة وزار القدس وأقام به أيامًا، ثم سافر على عَجْلُون وبلاد السَّواد وَزَرع، ووصل إلى دمشق في أول يوم من ذي القعدة، فدخلها فوجد السلطان قد توجه إلى الحجاز الشريف في أربعين أميرًا من خواصه يوم الخميس ثاني ذي القعدة، ثم إنّ الشيخ بعد وصوله إلى دمشق واستقراره بها لم يزل ملازمًا لاشتغال النَّاس في سائر العلوم، ونشر العلم، وتصنيف الكتب، وإفتاء الناس بالكلام والكتابة المطوّلة والاجتهاد في الأحكام الشرعية، ففي بعض الأحكام يفتي بما أدى إليه اجتهاده من موافقة أئمة المذاهب الأربعة، وفي بعضها يفتي بخلافهم وبخلاف المشهور في مذاهبهم.

وله اختيارات كثيرة مجلدات عديدة أفتى فيها بما أدى إليه اجتهاده، واستدل على ذلك من الكتاب والسنة وأقوال الصحابة والسلف (١٠)


(١) في ب: من التتار ونزول القاضي ومن معه يطلبون العفو في شهر رمضان.
(٢) هما من أعوان خَرْبَنْدا.
(٣) ليست في ب.
(٤) "الأرسال": ج رَسَل، وهو الجماعة والقطيع من كل شيء.
(٥) ليست في ط.
(٦) في ط: وضربت.
(٧) في أ وب: ليلتين.
(٨) ليست في ب.
(٩) ليست في ب.
(١٠) ليست في ب.

<<  <   >  >>