للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

محمد بن عبد الله بن (١) سُجمان (٢) البكري الوائلي الشريشي (٣)، كان أبوه مالكيًا كما تقدَّم، واشتغل هو في مذهب الشافعي فبرع وحصل علومًا كثيرة، وكان خبيرًا بالكتابة (٤) مع ذلك، وسمع الحديث وكتب الطباق بنفسه، وأفتى ودرس وناظَرَ وباشَرَ بعدة مدارس ومناصب كبار، أول ما باشر مشيخة دار الحديث بتربة أم الصالح بعد والده من سنة خمس وثمانين وستمئة إلى أن توفي (٥)، وناب في الحكم عن ابن جماعة، ثم ترك ذلك وولي وكالة بيت المال وقضاء العسكر ونظر الجامع مرات، ودرس بالشامية البرانية ودرس بالناصرية عشرين سنة، ثم انتزعها من يده ابن جماعة وزينُ الدين الفارقي، فاستعادها منهما وباشر مشيخة الرّباط الناصري بقاسيون مدَّة، ومشيخة دار الحديث الأشرفية ثمان سنين، وكان مشكور السيرة فيما يولى من الجهات كلها، وقد عزم في هذه السنة على الحج فخرج بأهله فأدركته منيته بالحسا (٦) في سلخ شوّال من هذه السنة، ودفن هناك ، وتولى بعده الوكالة جمال الدين بن القلانسي، ودرس بالناصرية كمال الدين بن الشيرازي، وبدار الحديث الأشرفية الحافظ جمال الدين المزي، وبأم الصالح الشيخ شمس الدين الذهبي، وبالرباط الناصري ولده جمال الدين.

الشهاب المقرئ: أحمد بن أبي بكر بن أحمد البغدادي (٧) نقيب (٨) المتعممين، كان عنده فضائل جمة نثرًا ونظمًا ممّا يناسب الوقائع وما يحضر فيه من التهاني والتَّعازي، ويعرفُ الموسيقا والشَّعْبَذَةَ، وضَرْبَ الرَّمل، ويحضر المجالس المشتملة على اللهو والمُسْكر واللعب والبسط، ثم انقطع عن ذلك كله لكبر سنه وهو مما يقال فيه وفي أمثاله:

ذهبتُ عن توبته سائلًا … وجدتها توبة إفلاسِ (٩)

وكان مولده بدمشق سنة ثلاث وثلاثين وستمئة، وتوفي ليلة السبت خامس ذي القعدة ودفن بمقابر باب الصغير في قبر أعده لنفسه عن خمس وثمانين سنة، سامحه الله.

قاضي القضاة فخر الدين: أبو العباس أحمد بن تاج الدين أبي الخير سلامة بن زين الدين


(١) ليست في ط.
(٢) في ط: سحمان، وما هنا من أ وهو الصواب، كما في التاج وغيره.
(٣) ترجمته في الفوات (١/ ١٢٠) والوافي بالوفيات (٧/ ٣٣٧) والدرر الكامنة (١/ ٢٥٢) والنجوم الزاهرة (٩/ ٢٤٣) والدارس (١/ ٣٣ - ٣٤) والشذرات (٦/ ٤٧).
(٤) في ب: بالكتابة والنظم. وقد أورد له صاحب الفوات مقطوعات لطيفة.
(٥) الدارس (١/ ٣٤).
(٦) قال ياقوت (٢/ ٢٥٨): هو موضع. والذي في الوافي بالوفيات وفوات الوفيات: وتوفي بدرب الحجاز بالكرك.
(٧) ترجمته في الشذرات (٦/ ٤٧).
(٨) في ط: الأشراف والمتعممين وهو توهم.
(٩) ليست في ب.

<<  <   >  >>