للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بدمشق نائب غيبته، فهو الذي يسدُّ الأمور مع الحاجب اللَّمش (١)، وتمر المهمندار، والأمير سيف الدين الملقب بحلاوة، ووالي البر، والأمير ناصر الدين بن بكبّاش متولي البلد، هؤلاء الذين يسدون الأشغال والأمور السلطانية، والقضاة هم الذين ذكرناهم في السنة الخالية.

وناظر الدواوين الصاحب علم الدين ابن القطب الذي كان كاتب السرفي أيام تنكز، وناظر الجيش فخر الدين بن العفيف، وعُزل وولّي فخر الدين كاتب قرطية والمحتسب وناظر الأوقاف القاضي عماد الدين الشيرازي (٢).

وخطيب البلد تاج الدين عبد الرحيم بن القاضي جلال الدين القزويني، وكاتب السر القاضي شهاب الدين بن فضل الله.

واستهلّت هذه السنة والأمير ركن الدين بيبرس الأحمدي نازل بقصر تَنْكِز بطريق داريا، وكتب السلطان واردة في كل وقت بالاحتياط عليه والقبض، وأن يُمْسَك ويُرسل إلى الكَرَك، هذا والأمراء يتوانون في أمره ويسوفون المراسيم، وقتًا بعد وقت، وحينًا بعد حين، ويحملهم على ذلك أن الأحمدي لا ذنب له، ومتى أمسكه تطرّق إلى غيره، مع أن السلطان يبلغهم عنه أحوال لا ترضيهم من اللعب والاجتماع مع الأراذل والأطراف ببلد الكرك قتله الفخري وطَشْتَمُر قتلًا فظيعًا، وسبيه أهلهما وسلبه لما على الحريم من الثياب والحلي، وإخراجهم في أسوأ حال من الكَرَك، وتقريبه النصارى وحضورهم عنده. فحمل الأمراء هذه الصفات على أن بعثوا أحدهم يكشف أمره، فلم يصل إليه، ورجع هاربًا خائفًا، فلما رجع وأخبر الأمراء انزعجوا وتشوشوا كثيرًا، واجتمعوا بسوق الخيل مرارًا وضربوا مشورة بينهم، فاتفقوا على أن يخلعوه، فكتبوا إلى المصريين بذلك، وأعلموا نائب حلب أَيْدغمش ونواب البلاد، وبقوا متوهمين من هذه الحال كثيرًا ومترددين، ومنهم من يصانع في الظاهر وليس معهم في الباطن، وقالوا لا سمع ولا طاعة حتى يرجع إلى الديار المصرية، ويجلس على سرير المملكة، وجاء كتابه إليهم يعيبهم ويعنفهم في ذلك، فلم يفد، وركب الأحمدي في الموكب وركبوا عن يمينه وشماله وراحوا إليه إلى القصر، فسلَّموا عليه وخدموه، وتفاقم الأمر وعَظُم الخطب، وحملوا همومًا عظيمة خوفًا من أن يذهب إلى الديار المصرية فيلف عليه المصريون فيتلف الشاميين، فحمل الناس همهم، فالله هو المسؤول أن يحسن العاقبة

فلما كان يوم الأحد السادس والعشرين من المحرم ورد مقدَّمُ البريدية ومعه كتب المصريين بأنه لما بلغهم


(١) في ط: ألمش بلام واحدة. وأثبتنا ما في الدرر الكامنة (١/ ٤١٠) فقد قيده الحافظ ابن حجر بالحروف فقال: بلامين، الأولى مشددة والميم ساكنة ثم معجمة، والدليل الشافي (١/ ١٥٣) مات سنة (٧٤٦) هـ.
(٢) ليست في أ وب وط، وهي في الأصل، من قوله: وناظر الدواوين. حتى هنا.

<<  <   >  >>