للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وناظر الجيش فخر الدين ابن العفيف وكتاب الدّست هم هم) (١).

واستهلت والجيوش المصرية والشامية محيطة بحصن الكَرَك محاصرون ويبالغون في أمره، والمنجنيق منصوب وأنواع آلات الحصار كثيرة، وقد رسم بتجريدة من مصر والشام أيضًا تخرج إليها.

وفي العشر الأوسط من المحرم أرخص الله أسعار المسلمين بحوله وقوته.

وكانت الغرارة تباع بأزيد من مئة وثمانين فسقطت إلى المئة وما دونها، وتناقض الشعير عن المئة بكثير، وزيد في تسعير الخبز بعده، فإنه قد بلغ الرّطل بدرهم وأقل من رطل. وهو غاية ما يكون من الرداءة سوادًا وشعيرًا وزيوانًا لا يكاد يأكله الإنسان، لكن يحمله على ذلك الجوع. فارتفع السعر حتى أبيع بعد عشرة أيام من يومئذ وهو ثالث عشر المحرم الخبز رطلين بدرهم، والصافي رطلين إلا ربع بدرهم. فالله الحمد والمنة.

وجاءت كتب الحجاج في رابع عشره، وتواترت أخبارهم بأنهم كانوا في الطلعة في غاية الأمر والطيبة والرّخص، بحيث المُشَلْشَل واللحم في بعض المنازل رطلين بدرهم، والعجوة كذلك، والسمن بدرهم وبدرهم ونصف.

ولكن حصل لهم عند وصولهم إلى المدينة النبوية خوف بسبب تشويش حصل بن أميري المدينة طفيل وودي، وقد قوي طفيل على صاحبه فأخرجه منها، وأرادَ الآخر أن يستنصر بأمير الحجاج، فخشي الناس من وقوع قتال بينهم وانزعجوا لذلك، فلم يقع والله الحمد شيء مما حذروا.

ثم ذهبوا إلى مكة في خير وسلامة، فلم يزالوا بذلك حتى كان يوم عرا فة، وقعت فتنة بين الترك والأشراف الذين بمكة، وجرت بينهم مقتلة ووقعة انكسر فيها جماعة الترك مرتين، وكل ذلك لكفّ الأشراف عن الحجيج، وهم وقوف بعرفات، ولكن حصل رعب شديد لكثير من الناس، وخشوا أن يميلوا عليهم فينهبوهم. وأولئك الأشراف لم يقصدوا شيئًا من ذلك، وإنما كان قتالهم دفعًا عن النفس لصولة بعض الأتراك؛ فإنه أراد بعضهم أن يتعرّض لحريم الأشراف وعيالهم في منازلهم؛ فحموا لذلك، وكان ما كان، ثم رجعوا إلى الشام، وكانت الرجعة في غاية الغلاء وشحط الأسعار (٢).

وجاءت الأخبار في هذه الأيام من الديار المصرية بالقبض على نائب السلطنة بها، هو والأمراء آقسنقر السلاري، وعلى بَيْغَرا أمير جندار، وعلى الحاجبين (٣)، وعلى بعض الدويدارية اتهموا بالممالأة لأحمد بن السلطان الناصر الذي بالكرك، فأخذوا وأعدموا واحتيط على حواصلهم، وأبيعت بالديار المصرية (٤).


(١) ليست في أ وب وط. وهي في الأصل.
(٢) الخبر في تاريخ ابن قاضي شهبة (٢/ ٣١٥ و ٣٥٣). نقلا عن ابن كثير.
(٣) هما: الأمير أولاجا وأخوه الأمير قراجا.
(٤) الخبر في تاريخ ابن قاضي شهبة ٢/ ٣٥٢. نقلا عن ابن كثير.

<<  <   >  >>