للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولما كان يوم السبت الثاني عشر من جمادى الأولى خرج الجيش بكماله لتلقي نائب السلطنة الأمير سيف الدين يَلْبُغَا فدخل في تجمُّلٍ عظيم، ثم جاء فنزل عند باب السر، وقبَّل العتبة على العادة ثم مشى إلى دار السعادة.

وفي عشية يوم الإثنين رابع عشره قطع نائب السلطنة ممَّن وجب قطعه في الحبس ثلاثةَ عشرَ رَجُلًا وأضاف إلى قطع اليد قطع الرجل من كل منهم، لما بلغه أنه تكرر من جناياتهم، وصَلَبَ ثلاثةً بالمسامير ممَّن وجب قتلُه، ففرح الناس بذلك لقمعه المفسدين وأهل الشرور، والعيث والفساد.

وفي آخر هذا اليوم أذانَ المغرب توفّي الشيخ عز الدين بن مُنَجيّ (١).

محتسب البلد، وكان قد ولّي نظر الجامع من قبل ذلك لمدّة طويلة، وصُلّي عليه بجامع دمشق ظهر يوم الثلاثاء الخامس عشر من الشهر، وحضر جنازته خلقٌ كثير، وجمٌّ غفير.

ودفن بسفح قاسيون، وكان مولده سنة ثمان وثمانين وستمئة، وحضر على زينب بنت الكمال، وسمع من جماعة من المشايخ، وهو من بيت الرئاسة والديانة والعلم والحشمة، وخلّف أولادًا كثيرين ووظائف متعدّدة.

وفي يوم الجمعة ثامن عشّره جاء نائب السلّطنة إلى الجامع الأموي، فصلّى بالشباك الكمالي، فلمّا كان بعد الصلاة دار في الجامع، ونظر فيه، ومعه القضاة والخطيب وناظر الجامع عماد الدين الشيرازي فأعجبته عمارته وما فيه من الرخام، وقد اجتهد ناظر الجامع في تنظيفه يومئذٍ.

وفي يوم الأحد العشرين منه درّس القاضي عز الدين حمزة ابن القاضي قطب الدين ابن شيخ السّلامية الحنبلي بالمدرسة الحنبلية داخل باب الفراديس عوضًا عن عز الدين بن مُنَجَى وحضر عنده القضاة والأعيان، وأخذ في حديث عائشة: "فمن أوّل البعث .. " (٢) وأجاد في أداء الدّرس.

وفي هذا اليوم درس القاضي علاء الدين بن العز الحنفي نائب الحكم بالمدرسة الظاهرية عوضًا عن عمه القاضي عماد الدين بمرسوم شريف، وتوليه الناظر الخاص من مصر.

وفي يوم الأربعاء الثالث والعشرين منه خلع على القاضي عماد الدين بن الشيرازي بطرحة بسبب ولايته حسبة البلد، مضافًا إلى ما بيده من نظر الجامع، وذهب الناس إلى تهنئته


(١) هو: محمد أحمد بن بن عثمان بن أسعد ابن المنجى ترجمته في تاريخ ابن قاضي شهبة ٢/ ٤٧٣، وأعيان العصر ٤/ ٢٦١ والدرر ٣/ ٣٥٧ وفيه "محمد بن أحمد بن محمد بن عثمان .. " والذيل التام ١/ ٨٠.
(٢) عن عروة عن عائشة : أنّ رسول الله قال: "يُبْعَثُ النَّاسُ يوم القيامةِ حُفاةً عُراةً غُرْلًا" قال: فقالت عائشة: يا رسول الله، فكيف بالعوْرات؟ فقال رسول الله ﴿لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ﴾ [عبس: ٣٧]. رواه أحمد في مسنده ٩/ ٣٧٧ رقم الحديث (٢٤٦٤٢)، والبخاري في الفتح ١١/ ٣٨٥ رقم الحديث (٦٥٢٧).

<<  <   >  >>