للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

شهر شعبان، أوّله الأحد، في عاشره توفي الصاحب بهاء الدين بن سكرّة (١) ناظر الدواوين بدمشق بعد ابن مراجل وكان ليّنًا في مباشرته، يُظهر محبّة الفقراء والصحبة لهم، وفيه تودّد في السَّلام، وبشاشة، وله شكل حسن، ودفن من يومه بمقابر الشيخ رسلان ظاهر الباب الشرقي، وحضر جنازته بعض القضاة.

وأوقدت القناديل بالجامع الأموي ليلة النصف من هذا الشهر على العادة، وربّما زادوا فيها بسبب نائب السلطة، فإنّه حضر إلى الجامع في هذه الليلة، وجلس في الشباك الذي يصلّي فيه الجمعة. وضيّفه ناظر الجامع بحلواء كثيرة، ثم انصرف في أثناء الليل.

شهر رمضان المعظم، في مستهلّه لبس القاضي ابن الزّين خضر خلعة بكتابة السّر عوضًا عن القاضي بدر الدين بن فضل الله الدارج إلى رحمه الله تعالى، ونزل جوار باب الخوّاصين في قاعة ابن الحنفي.

وفيه لبس الأمير علاء الدين الشريف العباسي خلعة شدّ الأوقاف عوضًا عن حسام الدين بن النجيبي (٢)، صرف عنها بمرسوم شريف قدم على خيل البريد (٣).

وخرج الرَّكب إلى الحجاز الشَّريف يوم السبت حادي عشر شوال، وخرج ناس كثير من البلد، ووقع مطر عظيم جدًّا، ففرح النَّاسُ به من جهة أن المطر كان قليلًا جدًّا في شهر رمضان، وهو كانون الأصم، فلمَّا وقع هذا استبشروا به وخافوا على الحُجَّاج ضرره، ثم تداول (٤) المطر وتتابع ولله الحمد والمنة، لكن ترحَّل الحجاج في أوحال كثيرة وزلق كثير، والله المسلِّم والمعين والحامي. ولما استقل الحجيج ذاهبين وقع عليهم مطر شديد بين الصنمين (٥) [وزُرَع] (٦) فعوقهم أيامًا بها، ثم تحاملوا إلى زُرَع فلم يصلوها إلا بعد جهد جهيد وأمر شديد، ورجع كثير منهم وأكثرهم، وذكروا أشياء عظيمة حصلت لهم من الشدة وقوة الأمطار وكثرة الأوحال، ومنهم من كان تقدَّم إلى أرض بُصرى، فحصل لهم رفق بذلك والله المستعان.

وقيل: إن نساءً كثيرة من المخدَّرات (٧) مَشَيْنَ حفاةً فيما بين زُرَع والصَّنَمين وبعد ذلك، وكان أمير


(١) هو أبو بكر بن موسى. ترجمته في تاريخ ابن قاضي شهبة ٢/ ٤٥٤ نقلًا عن ابن كثير، وليس في المطبوع، وأعيان العصر ٢/ ٢٩ والدرر الكامنة ١/ ٤٦٧، والذيل التام ١/ ٨٢.
(٢) في الأصل: (البرجمي) وفي تاريخ ابن قاضي شهبة ٢/ ٤٥٠: "التحيتي" وكلاهما وهم، وأثبت ما في أعيان العصر ١/ ٣٢٥.
(٣) ليست في أ وب وط، وهي في الأصل من قوله: وفي يوم الإثنين تاسع عشره.
(٤) تتابع وتعاقب.
(٥) في ط: الصمين. وهو تحريف. وهي بلدة من أعمال دمَشْقَ على طريق الحاج في أوائل حوران ياقوت (٣/ ٤٣١) أقول: وهي اليوم تابعة لمحافظة حوران.
(٦) زيادة يقتضيها السّياق.
(٧) ربّات الحجال من النساء.

<<  <   >  >>