للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الشموع، وأكثروا الدعاء له وفرحوا به، وكان قد رخص الخبز قبل قدومه، فصار رطلٌ وأوقيتان بدرهم. فرام أن يجعله رطلًا ونصفًا بدرهم فلم يمكنه ذلك.

وفي صبيحة يوم الجمعة الحادي والعشرين منه دخل الأمير بدر الدين بن الخطير إلى دمشق ليلًا، فنزل بداره، وذهب الناس للسلام عليه وتهنئته بنيابة طرابلس بعد غزّة، وحضر الصلاة مع النائب، وركب معه يوم السبت في الموكب، ولعب معه بالكرة بالميدان (١).

وفي يوم الخميس الثالث والعشرين منه صُلِّي على الأمير علاء الدين بن قَرَاسنْقُر (٢) بالجامع الأموي وظاهر باب النصر، وحضر القضاة والأعيان والأمراء، ودفن بتربته بميدان الحصا بالقرب من جامع الكريمي.

شهر رجب الفرد، أوّله الأحد، في أوائله داروا بالمحمل على العادة، واحتفلوا به، لأجل نائب السلطنّة.

شهر شعبان، أوّله الإثنين، في العشر الأوسط منه عُزل والي البر الأمير بدر الدين المنكورسي، وولّي مكانه متولي المدينة الأمير جمال الدين عبد الله الدَّمرداشي، ووكالة شرطة البلد نائبه ناصر الدين الطُّرَيْراتي (٣).

وعملت ليلةُ النصف على العادة من إشعال القناديل، ولم يشعلِ النَّاس لما هم فيه من الغلاء وتأخرُّ المطر وقلّة الغلة، الخبز كل رطل إلا أوقية بدرهم، وهو متغير، وسائر الأشياء غالية، والزيت كل رطل بأربعة ونصف، ومثله السِّيرج (٤) والصابون والأرز، والعنبريس كل رطل بثلاثة، وسائر الأطعمات على هذا النحو، وليس شيء قريب الحال سوى اللحم بدرهمين وربع، ونحو ذلك، وغالب أهل حَوْران يردون من الأماكن البعيدة ويجلبون القمح للمُؤْنة والبذار من دمشق، وبيع عندهم القمح المغربل كل مد بأربعة دراهم، وهم في جهد شديد، والله المستعان، وإذا سافر أحد يشقُّ عليه تحصيل الماء لنفسه ولفرسه ودابته، لأن المياه التي في الدرب كلها نفدت، وأما القدس فأشد حالًا وأبلغ في ذلك.

ولما كان العشر الأخير من شعبان من هذه السنة من الله وله الحمد والمنَّة على عباده بإرسال الغيث المتدارك الذي أحيى العباد والبلاد، وتراجع الناس إلى أوطانهم لوجود الماء في الأودية والغدران، وامتلأت بركة زُرَع بعد أن لم يكن فيها قطرة، وجاءت بذلك البشائر إلى نائب السلطنة، وذُكر أن الماء عم البلاد


(١) ليست في أ وب وط. وهي في الأصل من قوله: وركب في المركب.
(٢) ترجمته في تاريخ ابن قاضي شهبة (٢/ ٥٢٧).
(٣) ليست في أ وب وط. وهي في الأصل.
(٤) في ط: الشيرج بالشين.

<<  <   >  >>