للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واحدة، فتهوّل النَّاسُ من ذلك وانذعروا، وكان الوباء يومئذ كثيرًا ربما يقارب الثلثمئة بالبلد وحواضره فإنا لله وإنا إليه راجعون، وصُلِّيَ بعد الصلاة على خمسةَ عشرَ ميتًا بجامع دمشق، وصُلِّي بجامع الخيل على إحدَى عَشَرَةَ نفسًا .

وفي يوم الإثنين الحادي والعشرين منه رسم نائب السلطنة بقتل الكلاب من البلد، وقد كانت كثيرة بأرجاء البلد، وربما ضَرَّت النَّاسَ وقطعت عليهم الطرقات في أثناء الليل، أما تنجيسها الأماكن فكثير قد عمَّ الابتلاء به وشق الاحتراز منه، وقد جمعتُ جُزْءًا في الأحاديث الواردة في قتلهم، واختلاف الأئمة في نسخ ذلك، وقد كان عثمان (١) يأمر في خطبته بذبح الحمام وقتل الكلاب، ونصَّ مالكٌ في رواية ابن وهب على جواز قتل كلاب بلدة بعينها، إذا أذن الإمام في ذلك للمصلحة.

وفي يوم الإثنين الثامن والعشرين منه توفي زين الدين عبد الرَّحمن (٢) ابن شيخنا الحافظ المِزِّي، بدار الحديث النُّوريَّة وهو شيخها، ودفن بمقابر الصوفية مع والده.

شهر جمادى الآخرة وأوّله الأربعاء في مستهلّه رسم لي بمشيخة دار الحديث النورية، ثم توقف الأمر بأسباب من جهة بعض الحكام، وكان ولد الشيخ قد نزل لي عنها.

وفي يوم الأحد خامسه توفي الشيخ صدر الدين سليمان بن عبد الحكيم (٣) المالكي مدرس الشرّابيشية المالكية، وقد ولّي مشيخة دار الحديث بعد شيخنا الحافظ الذهبي (٤).

وفي منتصف شهر جمادى الآخرة قوي الموت وتزايد وبالله المستعان، ومات خلائق من الخاصَّة والعامَّة ممَّن نعرفهم وغيرهم وأدخلهم جنته، وبالله المستعان.

وكان يُصلَّى في أكثر الأيام في الجامع على أَزْيَدَ من مئة ميت فإنا لله وإنا إليه راجعون، وبعض الموتى لا يُؤتى بهم إلى الجامع، وأما حول البلد وأرجائها فلا يعلم عددَ من يموت بها إلا الله ﷿ آمين.

وفي يوم الإثنين السابع والعشرين منه توفي الصدر شمس الدين (٥) بن الصَّبَّاب (٦) التاجرُ السفَّارُ، باني


(١) في ط: عمر وهو توهم. وقد مر الكلام فيه في سنة (٧٤٥) هـ مفصلًا.
فقد روى الأشعث عن الحسن قال: ما خطب عثمان خطبة إلا أمر بقتل الكلاب وذبح الحمام. الحيوان (١/ ٢٩٢).
(٢) ترجمته في الذيل للحسيني ص (٢٧٥) والوفيات لابن رافع (٢/ ٧٧) والدرر الكامنة (٢/ ٣٥١).
(٣) ترجمته في تاريخ ابن قاضي شهبة ٢/ ٥٨٠، والدرر الكامنة ٢/ ١٥٣، وأعيان العصر ٢/ ٤٤٣.
(٤) ليست في أ وب وط. وهي في الأصل.
(٥) ترجمته في الذيل للحسيني ص (٢٧٦) وتاريخ ابن قاضي شهبة (٢/ ٦٣٤) والدرر الكامنة (٣/ ٣٧٥) وذيول تذكرة الحفاظ ص (١٢١) ومنادمة الأطلال ص (٦٩) وقد وهم الشيخ بدران فجعل وفاته سنة (٧٤٠) نقلًا عن الزيل.
(٦) في الدارس (١/ ١٢٨) ابن الصَّبَّان. وهو: محمد بن أحمد بن محمد بن أبي العزّ بن الصبّاب الحراني التاجر.

<<  <   >  >>