للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وظيفة الدويدارية الأمير سيف الدين طَشْبُغا الناصري، وكان أميرًا بالشام مقيمًا منذ عزل إلى أن أُعيد في أواخر السنة كما تقدم. وأما كاتب السر بمصر وقضاتها فهم المذكورون في التي قبلها.

شهر الله المحرّم، أوله الإثنين (١)، استهلَّ ونائب صفد (٢) قد حصن القلعة وأعدَّ فيها عدتها وما ينبغي لها من الأطعمات والذخائر والعُدَد والرِّجال، وقد نابذ المملكة وحارب، وقد قصدته العساكر من كل جانب من الديار المصرية ودمشقّ وطرابُلُس وغيرها، والأخبار قد كتمتْ عن بَيْبُغا ومن معه ببلاد الحجاز ما يكون من أمره، ونائب دمشق في احتراز وخوف من أن يأتي إلى بلاد الشام فيدهمها بمن معه، والقلوب وجلة من ذلك، فإنَّا الله وإنا إليه راجعون.

وجاءت كتب الحجاج في الخامس عشر منه، وفيها أنّ بيبغا روس نائب مصر تم مسكه، وأودع بقلعة الكرك، ورجعت حواصله وأمواله إلى مصر (٣).

وفيها ورد الخبر أن صاحب اليمن حجَّ في هذه السنة فوقع بينه وبين صاحب مكة عَجْلان بسبب أنَّه أراد أن يولِّي عليها أخاه ثَقْبَة (٤)، فاشتكى عَجْلان ذلك إلى أمراء المصريين، وكبيرهم إذ ذاك الأمير سيف الدين بُزْلار ومعهم طائفة كثيرة، وقد أمسكوا أخاهم (٥) بَيْبُغا وقيَّدُوه، فقويَ رأسُه عليهم واستخفَّ بهم، فصبروا حتى قُضي الحجُّ وفرغ الناس من المناسك، فلمّا كان يوم النفر الأول يوم الخميس تواقفوا هم وهو، فقتل من الفريقين خلق كثير، والأكثر من اليمنيين، وكانت الوقعة قريبة من وادي محسِّر، وبقي الحجيج خائفين أن تكون الدائرة على الأتراك فتنهبُ الأعراب أموالهم وربَّما قتلوهم، ففرَّج الله ونصر الأتراك على أهل اليمن، ولجأ الملك المجاهد إلى جبل فلم يعصِمْهُ من الأتراك، بل أسروه ذليلًا حقيرًا، وأخذوه مقيدًا أسيرًا، وجاءت عوامُّ الناس إلى اليمنيين فنهبوا شيئًا كثيرًا، ولم يتركوا لهم جليلًا ولا حقيرًا، ولا قليلًا ولا كثيرًا، واحتاط الأمراء على حواصل الملك وأمواله وأمتعته وأثقاله، وساروا بخيله وجماله، وأدلوا على صنديد (٦) من رحله ورجاله، واستحضروا معهم طُفَيْلًا (٧) الذي كان حاصر المدينة النبوية في العام الماضي، وقيَّدوه أيضًا، [وجعلوا الغُلَّ في عنقه، واستاقوه كما يُستاق الأسير في


(١) ليس في أ وب وط. وهي في الأصل.
(٢) أحمد السّاقي، ذُكر في أحداث السنة الماضية خروجه عن الطاعة واستعداؤهُ.
(٣) ليست في أ وب وط، وهي في الأصل.
(٤) في ط: بُعيثه وهو تحريف. وأثبتنا ما في النجوم الزاهرة (١٠/ ٢٢٦) وهو: ثقبة بن رميثة بن أبي نميّ. مات سنة (٧٦٢) بمكة.
(٥) يعني الأتراك.
(٦) العبارة مضطربة. وقد تكون: وأَتَوْا على العديد من رحله ورجاله.
(٧) هو الشريف طُفَيْل بن منصور بن جمّاز، نهبَ المدينة سنة (٧٥١) هـ ثم عزل بابن عمّه سعد بن ثابت بن جماز. ومات سنة (٧٥٢) هـ. الدرر الكامنة (٢/ ٢٢٤).

<<  <   >  >>