للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وِثاقه مصحوبًا بهمِّه وحتفه، وانشمروا عن تلك البلاد إلى ديارهم راجعين، وقد فعلوا فعلةً تذكر بعدهم إلى حين] (١).

ودخل الركب الشامي إلى دمشقَ يوم الثلاثاء الثالث والعشرين من المحرم على العادة المستمرة والقاعدة المستقرة.

وفي هذا اليوم قدمت البريدية من تلقاء مدينة صفد مخبرةً بأنَّ الأمير شهاب الدين أحمد بن مشدّ الشّربخاناة (٢)، الذي كان قد تمرّد بها وطغى وبغى حتّى استحوزَ عليها وقطع سبلها (٣) وقتل الفرسان والرجَّالة، وملأها أطعمة وأسلحة، ومماليكه ورجاله، فعندما تحقَّق مسكُ بَيْبُغا أُرُوس خضعت تلك النفوس، وخمدت ناره وسكن شراره وحار بثاره، ووضح قراره، وأناب إلى النوبة والإقلاع، ورغب إلى السَّلامة والخلاص، وخشع ولات حين مناص، وأرسل سيفه إلى السلطان، ثم توجَّه بنفسه على البريد إلى حضرة الملك الناصر والله المسؤول أن يُحسن عليه وأن يُقبل بقلبه إليه (٤).

شهر صفر، وأوَّله الأربعاء (٥) وفي يوم الأحد خامسه قدم من الديار المصرية الأمير سيف الدين أَرْغُون الكاملي معادًا إلى نيابة حلب، وفي صحبته الأمير سيف الدين طَشْبُغَا الدوادار بالديار المصرية، وهو زوج ابنة نائب الشام، فتلقَّاه نائبُ الشام وأعيان الأمراء، ونزل طَشْبُغَا الدوادار عند زوجته بدار منجى في محلَّة مسجد القَصَب التي كانت تعرف بدار حنين بن حندر، وقد جُدِّدَتْ في السنة الماضية، وتوجَّها في اللَّيلة الثانية من قدومهما إلى حلب.

شهر ربيع الأول، أوّله الجمعة في صبيحة يوم الأحد ثالثه درّس بالعادلية الصغيرة الشيخ شهاب الدين بن النقيب البعلبكي مفتي دار العدل وحضر عنده القضاة والأعيان وأخذ في قوله تعالى: ﴿لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ﴾ [الفتح: ١٨] وذلك بحكم وفاة الفخر المصري (٦).

وفي يوم الأربعاء سادسه درس بمحراب الحنابلة إلى جانب الزيادة من جامع دمشق في حلقة صاحب حمص الفقيه أمين الدين أبو حيان ابن أخي قاضي المالكي، وهو شافعي، عوضًا عن القاضي بهاء الدين أبو البقاء السّبكي بحكم توليته الرواحية و إعراضه عن هذه (٧).


(١) ما بين الحاصرتين ليس في الأصل، واستدركته من أ وب، وط.
(٢) في ط: الشر نجاتاه وهو تحريف.
(٣) في ط: سببها.
(٤) النجوم (١٠/ ٢٢٥).
(٥) ليست في أ وب وط، وهي في الأصل.
(٦) تقدم ذكره عما قريب.
(٧) ليست في أوب، وط، وهي في الأصل. من قوله: شهر ربيع الأول، أوّله الجمعة.

<<  <   >  >>