للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي يوم الأربعاء رابع عشر ربيع الأول اجتمع القضاة الثلاثة وطلبوا القاضي الحنبلي ليتكلَّموا معه فيما يتعلق بدار المعتمد التي بجوار مدرسة الشيخ أبي عمر، التي حكم بنقض وقفها وهدم بنائها وإضافتها إلى دار القرآن المذكور، وجاء مرسوم السلطان يوافق ذلك، وكان القاضي الشافعي قد أراد منعه من ذلك، فلما جاء مرسوم السلطان اجتمعوا لذلك، فلم يحضر القاضي الحنبلي، قال حتى يجيء نائب السلطنة.

ولما كان يوم الخميس خامسَ عشرَ ربيع الأول حضر القاضي حُسَين (١) ولد قاضي ولد قاضي القضاة تقي الدين السُّبكي عن أبيه مشيخة دار الحديث الأشرفية وقرئ عليه شيء كان قد خرَّجه له بعض المحدِّثين، وشاع في البلد أنه نزل له عنها، وتكلَّموا في ذلك كلامًا كثيرًا، وانتشر القولُ في ذلك، وذكر بعضهم أنَّه نزل له عن الغزالية والعادلية، واستخلفه في ذلك فالله أعلم.

وفي هذا الشهر حدّدت قناةٌ داخل باب النصر الغربي، بين البابين.

شهر ربيع الآخر، أوّله السبت، في سادسه يوم خميس أُلزم القاضي الشافعي بحضرة نائب السلطنة والقضاة بإصلاح أمر الجامع، وتكميل معاليم الناس المرتّبين عليه، فباشر نظره، ووفر الديوان، واستمرّ بالناظر والعامل ومشارف ببعض معالمهم، وخفّف شيئًا كثيرًا من الجوامك المرتبة للديوان، واستناب شمس الدين الكردي إمام شهد علي في الديوان، وعمّر سقف الكلاسة من الغرب.

شهر جمادى الأولى، أوّله الأحد (٢).

وفي سحر ليلة الخميس خامس شهر جُمادى الأولى (٣) وقع حريق عظيم بالجوَّانيين في السوق الكبير واحترقت دكاكين الفواخرة والمناجليين وفرجة الغرابيل، وإلى درب القلى، ثم إلى قريب درب العميد، وصارت تلك الناحية دكًا بلقعًا، فإنَّا لله وإنَّا إليه راجعون. وجاء نائب السلطنة بعد الأذان إلى هناك ورسم بطفي النار، وجاء المتولّي والقاضي الشافعي والحُجّاب، وشرع الناس في طفي النار، ولو تركوها لأحرقت شيئًا كثيرًا، ولم يفقد فيما بلغنا أحدٌ من الناس، ولكن هلك للناس شيء كثير من المتاع والأثاث والأملاك وغير ذلك، واحترق للجامع من الرباع في هذا الحريق ما يساوي مئة ألف درهم. انتهى والله أعلم. كائنة غريبة جدًّا:

وفي يوم الأحد خامسَ عشرَ جُمادى الأولى استسلم القاضي الحنبلي (٤) جماعة من اليهود كان قد صَدَر


(١) هو: حسين بن علي بن عبد الكافي. مات سنة (٧٥٥) هـ كما سيأتي.
(٢) ليست في أ وب وط، وهي في الأصل.
(٣) في أ وط: الآخرة، وهو وهم.
(٤) القاضي جمال الدين يوسف المرداوي.

<<  <   >  >>