للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يصلِّي فيه نواب السلطان أيده الله، فكثُر الدعاء له ذاهبًا وآيبًا تقبّل الله منه، وكذلك فعل الجمعة الأخرى وهي تاسع الشهر.

وفي يوم السبت عاشره اجتمعنا (١) - بالخليفة المعتضد بالله أبي الفتح أبي بكر المستكفي بالله أبي الربيع سليمان بن الحاكم بأمر الله أبي العباس أحمد، وسلَّمنا عليه وهو نازل بالمدرسة الدِّماغية، داخل باب الفرج، وقرأتُ عنده جزءًا فيه ما رواه أحمدُ بن حنبل عن محمد بن إدريس الشافعي في "مسنده"، وذلك عن الشيخ عز الدّين بن الضِّياء الحموي بسماعه من ابن البُخَاري وزينب بنت مكي، عن أحمد بن الحُصَين، عن ابن المذهب، عن أبي بكر بن مالك عن عبد الله بن أحمد عن أبيه فذكرهما.

والمقصود أنَّه شابٌّ حسنُ الشكل مليحُ الكلام متواضعٌ، جيدُ الفهم حلوُ العبارة رحم الله سَلَفَهُ (٢).

وفي رابع عشره قدم البريد من بلاد حلب بسيوف الأمراء الممسوكين من أصحاب بَيْبُغَا.

وفي يوم الخميس خامس عشره نزل السلطان الملك الصالح من الطّارمة إلى القصر الأبلق في أُبَّهة المملكة، ولم يحضر يوم الجمعة إلى الصلاة، بل اقتصر على الصلاة بالقصر المذكور. وفي يوم الجمعة باكر النهار دخل الأمير سيف الدين شَيْخُون وطاز بمن معهما من العساكر من بلاد حلب، وقد فات تدارك بَيْبُغا وأصحابه لدخولهم بلاد دلغَادر (٣) التركماني بمن بقي معهم، وهم القليل، وقد أُسر جماعةٌ من الأمراء الذين كانوا معه، وهم في القيود والسلاسل صحبة الأميرين المذكورين، فدخلا على السلطان وهو بالقصر الأبلق فسلّما عليه وقبّلا الأرض وهنَّأه بالعيد، ونزل طاز بدار أَيْتَمُش بالشرف (٤) الشمالي، ونزل شَيْخُون بدار إياس الحاجب بالقرب من الظاهرية البرانية، ونزل بقية الجيش في أرجاء البلد، وأما الأمير سيف الدين أَرْغون فأقام بحلب نائبًا عن سؤاله إلى ما ذكر، وخُوطب في تقليده بألقاب هائلة، ولبس خلعة سنية، وعُظِّم تعظيمًا زائدًا، ليكون هناك إلْبًا (٥) على بَيْبُغَا وأصحابه لشدة ما بينهما من العداوة. ثم صلَّى السلطان بمن معه من المصريين ومن انضاف إليهم من الشاميين صلاةَ عيد الفطر بالمَيْدان الأخضر، وخطب بهم القاضي تاج الدين (٦) المُنَاوي المصري قاضي العسكر المصري بمرسوم السلطان وذويه، وخلع عليه. انتهى والله أعلم.


(١) بعد هذا في ط: "يقول الشيخ عماد الدين بن كثير المصنف "، ولا شك أن هذا من الناسخ.
(٢) الذيل التام (١/ ١٢٤) نقلًا عن ابن كثير.
(٣) في ط: زلغادر وهو تحريف. وهو: قَرَاجا بن دلغادر بن خليل التركماني قتل في القاهرة سنة (٧٥٤) هـ. الدرر الكامنة (٣/ ٢٤٥).
(٤) في ط: الشرق وهو تحريف.
(٥) "الإلبُ": القوم يجتمعون على عداوة إنسان واحد. القاموس المحيط.
(٦) هو: محمد بن إسحاق المناوي. مات سنة (٧٦٤) هـ. الوفيات لابن رافع (٢/ ٢٨٣) الذيل التام (١/ ١٢٦).

<<  <   >  >>