للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأنت على صفة النساء؟ فقال: نفيسة، فقلت: واليوم؟ فقال عبد الله، وذكر أنه لما حصل له هذا الحال كتمه أهله عن حتى عن أبيه، ثم عزموا على تزويجه على رابع، فقال لأمّه إن الأمر ما صفته كيت وكيت، فلما اطّلع أهله على ذلك أعلموا به نائب السلطنة هناك، وكتب بذلك محضرًا واشتُهر أمره فقدم دمشقَ ووقف بين يدي نائب السلطنة بدمشق، فسأله فأخبره كما أخبرني، فأخذه الحاجب سيف الدين كجكن بن لاقوش (١) عنده وألبسه ثياب الأجناد، وهو شاب حسن، على وجهه وسمته ومشيته وحديثه أنوثةُ النساء، فسبحان الفعال لما يشاء، فهذا أمر لم يقع مثله في العالم إلا قليلًا جدًّا، وعندي أن ذكره كان غائرًا في جورة ظنوها فرجًا ثم لما بلغ ظهر قليلًا قليلًا، حتى تكامل ظهوره فتبينوا أنه كان ذكرًا، وذكر لي أن ذكره برز مختونًا فسمي ختان القمر، فهذا يوجد كثيرًا والله أعلم.

شهر رجب الفرد، أوّله الجمعة وفي يوم الثلاثاء خامسه قدم الأمير عز الدين طُقْطَاي (٢) الدويدار من الديار الحلبية وخبر عما اتفق عليه العساكر الحلبية من ذهابهم مع نائبهم ونواب تلك الحصون وعساكر خلف دُلْغَادر التركماني، الذي كان أعان بَيْبُغا وذويه على خروجه على السلطان، وقدم معه إلى دمشق وكان من أمره ما تقدم بسطه في السنة الماضية، وأنّهم نهبوا أمواله وحواصله، وأسروا خلقًا من بنيه وذويه وحريمه، وأن الجيش أخذ شيئًا كثيرًا من الأغنام والأبقار والرقيق والدواب والأمتعة وغير ذلك، وأنه لجأ إلى ابن أَرْتَنا (٣) فاحتاط عليه واعتقله عنده، وراسل السلطان بأمره ففرح الناس براحة الجيش الحلبي وسلامته بعدما قاسوا شديدًا وتعبًا كثيرًا.

وفي يوم الأربعاء ثالث عشره كان قدوم الأمراء الذين كانوا مسجونين بالإسكندرية من لَدُن عَود السُّلطان إلى الديار المصرية، ممَّن كان اتُّهم بممالأة بَيْبُغَا أو خدمته، كالأمير سيف الدين مَلَك آص (٤) وعلاء الدين علي ابن البَشْمُقْدَار (٥)، وساطلمش الجلالي ومن معهم.

وفي أوائل هذا الشهر تكامل عمارة القياسوية التي أنشأها ديوان الأمير طاز، خارج باب الفرج غربي القيسارية التي أنشأها يَلبُغا، وتشتمل على ستة سطور دكاكين، وفي علوها طباق.

وكان قد اشتهر في أوائل هذا الشهر أن قاضي القضاة بالديار المصرية عز الدين بن جماعة قد ترك المنصب، وتولّاه نائبه القاضي تاج الدين المناوي وحكم أيامًا، ثم قيل: إن المناوي عُزل، وشغر


(١) في ط: كحلن ابن الأقوس.
(٢) في ط: بقطية وهو تحريف. ومرَّ ذكره.
(٣) في ط: أرطنا وأثبتنا ما في الدرر (١/ ٣٤٨). وهو صاحب الرُّوم من جهة أبي سعيد. مات سنة (٧٥٣) هـ.
(٤) في ط: ملك أجي وهو تحريف.
(٥) في ط: السيمقدار.

<<  <   >  >>