للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تقي الدين إنكاره عليهم (١)، وأن يسلم لهم حالهم، فقال لهم الشيخ: هذا ما لا يمكن (٢)، ولا بد لكل أحد أن يدخل تحت الكتاب والسنة، قولًا وفعلًا، ومن خرج عنهما وجب الإنكار عليه. فأرادوا أن يفعلوا شيئًا من أحوالهم الشيطانية التي يتعاطونها في سماعاتهم، فقال (٣) الشيخ: تلك أحوال شيطانية باطلة، وأكثر أحوالكم من باب الحيل والبهتان، ومن أراد منكم أن يدخل النار فليدخل أولا إلى الحمام وليغسل جسده غسلًا جيدًا ويدلكه بالخل والإِشنان، ثم يدخل بعد ذلك إلى النار إن كان صادقًا، ولو فرض أن أحدًا من أهل البدع دخل النار بعد أن يغتسل فإن ذلك لا يدل على صلاحه ولا على كرامته، بل حاله من أحوال الدجاجلة المخالفة للشريعة إذا كان صاحبها على السنة، فما الظن بخلاف ذلك. فابتدر شيخ المنيبع الشيخ صالح وقال: نحن أحوالنا إنما تنفُق عند التتر ليست تنفق عند الشرع. فضبط الحاضرون (٤) عليه تلك الكلمة، وكثر الإنكار عليهم من كل أحد، ثم اتفق الحال على أنهم يخلعون الأطواق الحديد من رقابهم، وأن من خرج عن الكتاب والسنة ضُربت عنقه. وصنَّف الشيخ جزءًا في طريقة الأحمدية، وبيّنَ فيه فسادَ أحوالهم ومسالكهم وتخيُّلاتهم، وما في طريقتهم من مقبول ومردود بالكتاب، وأظهر الله السنة على يديه، وأخمد بدعتهم. ولله الحمد والمِنَّة.

وفي العشر الأوسط من هذا الشهر خلع على جلال الدين بن معبد، وعز الدين خطاب (٥)، وسيف الدين بَكْتَمر (٦) مملوك بَكْتَاش الحُسامي بالإمرة ولبس التشاريف، وركبوا بها، وسلموا إليهم جبل الجرد والكسروان والبقاع.

وفي يوم الخميس ثالث رجب خرج الناس للاستسقاء إلى سطح المزة، ونصبوا هناك منبرًا وخرج نائب السلطنة وجميع الناس من القضاة والعلماء والفقراء، وكان مشهدًا هائلًا وخطبة عظيمة بليغة، فاستسقوا فلم يُسْقَوْا يومهم ذلك (٧).

(٨) وفي يوم الإثنين ثامن رجب حضر القضاة والعلماء وفيهم الشيخ تقي الدين بن تيمية عند نائب


(١) في ط: إمارته عنهم.
(٢) كذا في ب، وهو الصواب. وفي الأصل و أ؛ ط: ما يمكن.
(٣) في ب: فذكر الشيخ أن هذا أكثره من باب الحيل والبهتان.
(٤) في ب: الأمراء.
(٥) هو خطّاب بن محمود بن مرتعش، سيأتي في وفيات سنة (٧٢٥ هـ).
(٦) هو بكتمر الحسامي كان حاجبًا بدمشق ثم ولي ثغر الإسكندرية. توفي سنة (٧٢٤ هـ). كما سيأتي.
(٧) في النجوم الزاهرة (٨/ ٢١٧) تفصيل لأحداث سنة (٧٠٥ هـ).
(٨) زاد في ط عنوانًا للفقرة التالية: وهو: أول المجالس الثلاثة لشيخ الإسلام ابن تيمية.

<<  <   >  >>