للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

السلطنة بالقصر، وقُرئت عقيدة الشيخ تقي الدين الواسطية، وحصل بحث في أماكن منها (١)، وأُخّرت مواضع إلى المجلس الثاني.

فاجتمعوا يوم الجمعة بعد الصلاة ثاني عشر الشهر المذكور، وحضر الشيخ صفي الدين الهندي (٢)، وتكلم مع الشيخ تقي الدين كلامًا كثيرًا، ولكن ساقيته لاطمَتْ بحْرًا (٣)، ثم اصطلحوا على أن يكون الشيخ كمال الدين بن الزَّمْلَكاني (٤) هو الذي يحاقِقُه من غير مسامحة، فتناظرا في ذلك، وشكر الناس من فضائل الشيخ كمال الدين بن الزمْلَكاني وجودة ذهنه وحسن بحثه، حيث قاوم ابن تيمية في البحث، وتكلَّم معه، ثم انفصل الحال على قبول العقيدة (٥)، وعاد الشيخ إلى منزله معظّمًا مكرمًا. وبلغني أن العامة حملوا له الشمع من باب القصر إلى القصَّاعين على جاري عادتهم في أمثال هذه الأشياء.

وكان الحامل على هذه الاجتماعات كتاب ورد من السلطان في ذلك، كان الباعث على إرساله قاضي المالكية ابن مخلوف (٦)، والشيخ نصر المَنْبِجي (٧) شيخ الجاشَنْكير (٨) وغيرهما أعدائه. وذلك أن الشيخ تقي الدين بن تيمية كان يتكلم في المَنْبِجي وينسبه إلى اعتقاد ابن عربي، وكان للشيخ تقي الدين من الفقهاء جماعة يحسدونه لتقدُّمه عند الدولة، وانفراده بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وطاعة الناس له، ومحبتهم له، وكثرة أتباعه، وقيامه في الحق، وعلمه وعمله (٩).

ثم وقع بدمشق خبط كثير وتشويش بسبب غيبة نائب السلطنة في الصيد. وطلب القاضي جماعة من أصحاب الشيخ، وعزّر بعضهم، ثم اتفق أن الشيخ جمال الدين المِزّي (١٠) الحافظ قرأ فصلًا في الرد على الجهمية (١١) من كتاب (أفعال العباد) للبخاري تحت قبة النسر (١٢) بعد قراءة ميعاد البخاري بسبب


(١) ليست في ب.
والعقيدة الواسطية: كتاب ألّفه ابن تيمية .
أما عن سبب التسمية، فقيل: إنه اعتبر السلف أهل السنّة وسطًا بين فرق الزّيغ والضلال من هذه الأمة.
وقيل: إن رجلًا من أهل واسط، سأله أن يكتب له عقيدة تكون عدةً له ولأهل بيته وبلده.
(٢) سيأتي في وفيات سنة (٧١٥ هـ).
(٣) ليست في ب.
(٤) سيأتي في وفيات سنة (٧٢٧ هـ).
(٥) ليست في ب.
(٦) سيأتي في وفيات سنة (٧١٨ هـ).
(٧) سيأتي في وفيات سنة (٧١٩ هـ).
(٨) الملك المظفّر بِيبَرْس الجاشَنكير. سيأتي في وفيات سنة (٧٠٩ هـ).
(٩) ليست في ب.
(١٠) سيأتي في وفيات سنة (٧٤٢ هـ).
(١١) هي فرقة تقول: إن الإيمان مجرّدُ المعرفة والأعمال ليست من الإيمان، ونسبتُها إلى جَهْم بن صَفْوان السّمَرْقندي قتل سنة (١٢٨ هـ). ميزان الاعتدال (١/ ١٩٧).
(١٢) "قُبّة النَّسر": قبَّة الجامع الأموي، سمّيت بذلك لعلوّها آنذاك عما حولها.

<<  <   >  >>