للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

شهر جمادى الآخرة، أوَّله السبت، في مستهلّه ركب الأمير سيف الدين بَيْدَمُر نائب حلب لقصد غزو بلاد سيس في جيش، لقَّاه الله النصر والتأييد (١).

وفي مستهل هذا الشهر أصبح أهل القلعة وقد نزل جماعة من أمراء الأعراب من أعالي محبسهم (٢) في عمائم وحبال إلى الخندق وخاضوه وخرجوا من عند جسر الزلابية (٣) فانطلق اثنان وأُمسك الثالث الذي وهو المسمَّى بالعجل بن سيف بن فضل، فرُدَّ إلى السجن مع عمه الذي تبقى في السجن، وكأنه كان يمسك لهم الحبال حتى تدلوا فيها، فاشتد نكير نائب السلطنة على نائب القلعة، وضربَ ابنيهِ النقيب وأخاه وسجنهما، وكاتب في هذه الكائنة إلى السلطان، فورد المرسوم بعزل نائب القلعة وإخراجه منها، وطلبه لمحاسبته على ما قبض من الأموال السلطانية في مدة ست سني مباشرته، وعزل ابنه عن النقابة وابنه الآخر عن استدارية السلطان، فنزلوا من عزِّهم إلى عزلهم.

في صبيحة يوم الأحد ثانيه درّس القاضي تقي الدين عمر بن قاضي القضاة نجم الدين بن قاضي القضاة عماد الدين الطرسوسي بالمدرسة الرّيحانية شريكًا مع أخيه جمال الدين عبد الله بمرسوم شريف، واستقل القاضي أمين الدين ابن عبد الحق بتدريس الخانونية الجوانية التي أخذها من تقي الدين المذكور (٤).

وفي يوم الإثنين سابع عشره جاء الأمير زين الدين جبريل من عند الأمير سيف الدين بَيْدَمر نائب حلب، وقد فتح بلدين من بلاد سيس، وهما طرَسوس وأَذنة، وأرسل مفاتيحهما صحبة جبريل المذكور إلى السلطان أيده الله، ثم افتتح حصونًا أُخر كثيرة في أسرع مدة، وأيسر كلفة، وخطب هناك القاضي ناصر الدين كاتب السر خطبة بليغة حسنة، وبلغني في كتاب أن أبواب كنيسة أذنة حملت إلى الديار المصرية في المراكب (٥).

قلت: وهذه هي أبواب الناصرية التي بالسفح، أخذها سيس عام قازان، وذلك في سنة تسع وتسعين وستمئة، فاستُنقذت، والله الحمد في هذه السنة.

وفي أواخر هذا الشهر بلغنا أن الشيخ قطب الدين هرماس الذي كان شيخ السلطان طرد عن جناب مخدومه، وضرب وصودر، وخربت داره إلى الأساس، ونفي إلى مصياف، فاجتاز بدمشق ونزل


(١) الذيل للحسيني ص (٣٣٣) وتاريخ ابن قاضي شهبة (٣/ ١٦٠).
وهو: بَيْدَمُر الخوارزمي.
(٢) في ط: مجلسهم.
(٣) في ط: الزلامية.
(٤) ليست في أ و ب و ط. وهي في الأصل.
(٥) الدرر الكامنة (١/ ٥١٣) ابن خلدون (٥/ ٤٣٠) الدارس (١/ ١١٥).

<<  <   >  >>