للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ذلك، وخاف أصحابه عليه بسبب انتسابه إلى الشيخ تقي الدين بن تيمية، فتلطف به نائب السلطنة، ودارى عنه حتى أُعفي من الحضور إلى مصر، ولله الحمد.

وفي يوم الخميس تاسع جمادى الأولى دخل الشيخ براق (١) إلى دمشق وبصحبته مئة فقير كلّهم محلقي ذقونهم، موفري شواربهم، عكس ما وردت به السنة، وعلى رؤوسهم قرون لبابيد. وعليهم أجراس وكعاب وجواكين خشب، فنزلوا بالمُنَيبع وحضروا الجمعة برواق الحنابلة، ثم توجهوا نحو القدس فزاروا، ثم استأذنوا في الدخول إلى الديار المصرية فلم يؤذن لهم، فعادوا إلى دمشق، فصاموا بها رمضان ثمَّ انشمروا راجعين إلى بلاد الشرق، إذ لم يجدوا بدمشق قبولًا، وقد كان شيخهم براق المذكور روميًا من بعض قرى دوقات من أبناء الأربعين، وقد كانت له منزلة عند قازان ومكانة، وذلك أنه سلط عليه نَمِرًا فزجره فهرب منه وتركه، فحظي عنده وأعطاه في يوم واحد ثلاثين ألفًا ففرّقها على أصحابه كلها فأحبه، ومن طريقة أصحابه أنهم لا يقطعون لهم صلاةً، ومن ترك صلاة ضربوه أربعين جَلْدة، وكان يزعم أن طريقه الذي سلكه إنما سلكه ليخرب على نفسه، ويرى أنه زي المسخرة، وأن هذا هو الذي يليق بالدنيا، والمقصود إنما هو الباطن والقلب وعمارة ذلك، ونحن إنّما نحكم بالظاهر، والله أعلم بالسرائر.

وفي يوم الأربعاء سادس جمادى الآخرة حضر تدريس (٢) النَّجيبية (٣) بهاء الدين يوسف بن كمال الدين أحمد بن عبد العزيز العجمي الحلبي، عوضًا عن الشيخ ضياء الدين الطوسي، توفي وحضر عنده ابن صَصْرَى وجماعةٌ من الفضلاء.

وفي هذه السنة صُلِّيت صلاة الرَّغائب (٤) في النصف (٥) بجامع دمشق بعد أن كانت قد أبطلها ابن تيمية منذ أربع سنين، ولما كانت ليلة النصف حضر الحاجب ركن الدين بيُبَرْسُ العلائي، ومنع الناس من الوصول إلى الجامع ليلتئذ، وغلقت أبوابه فبات كثير من الناس في الطرقات وحصل للناس أذى كثير، وإنما أراد صيانة الجامع من اللغو والرفث والتخليط.


(١) في ط: ابن.
وهو: براق القرمي من قرية من قرى الدوقات، أبوه صاحب إمرة، عمه من الكتاب، تمرَّد هو وصحب الفقراء، قتل مسلوقًا في دست سنة (٧٠٧ هـ). ترجمته في الدرر الكامنة (١/ ٤٧٤) والدارس (٢/ ٢٥٠).
(٢) في ط: مدرس.
(٣) يقال لها أيضًا: خانقاه القصر، وهي مطلة على الميدان، أنشأها النجيبي جمال الدين آقوش. الدارس (٢/ ١٧١) وفي منادمة الأطلال (ص ٢٨٦) يقول بدران : قلت: أراد بالميدان المرجة، وكان ذلك القصر قصرًا للملك الظاهر، ولما عمرت التكية السليمانية خُرّب وأقيمت مكانه، ولم يبق أثر للنجيبية ولا للقصر.
(٤) سقطت من ط.
(٥) في النصف من شعبان، وهي صلاة غير ثابتة في الشرع، لذلك أبطلها شيخ الإسلام ابن تيمية .

<<  <   >  >>