للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إلى المدرسة الرُّكنيّة (١) فنزل بها عند ابن أخيه قاضي القضاة بدر الدين بن أبي الفتح (٢)، قاضي العساكر، وذهب النَّاسُ للسّلام عليه، وهو يكره من يلقبه بقاضي القضاة، وعليه تواضع وتقشف، ويظهر عليه تأسف على مفارقة بلده ووطنه وولده وأهله، والله المسؤول المأمول أن يحسن العاقبة (٣).

شهر شوال، أوّله الأحد، وخرج المحملُ السلطاني يوم الخميس ثامن عشره، وأمير الحاج الملك صلاح الدين ابن الملك الكامل بن السعيد بن العادل الكبير، وقاضيه الشيخ بهاء الدين بن سبع مدرس الأمينية (٤) ببعلبك، وفي هذا الشهر وقع الحكم بعودها يخص المجاهدين من وقف المدرسة التقوية (٥) إليهم، وأذن القضاة الأربعة إليهم بحضرة ملك الأمراء في ذلك.

شهر ذي القعدة، أوله الثلاثاء، وفي ليلة الأحد سادسه (٦) توفي.

القاضي ناصر الدين محمد (٧) بن يعقوب كاتب السر، وشيخ الشيوخ ومدرّس الناصرية الجوانية (٨) والشَّامية الجوانية (٩) بدمشق، ومدرّس الأسدية (١٠) بحلب، وقد باشر كتابة السر بحلب أيضًا، وقضاء العساكر وأفتى بزمان ولاية الشيخ كمال الدين الزملكاني قضاء حلب، أذن له هنالك في حدود سنة سبع وعشرين وسبعمئة، ومولده سنة سبع وسبعمئة، وقد قرأ "التنبيه" و "مختصر ابن الحاجب" في الأصول، وفي العربية، وكان عنده نباهةٌ وممارسة للعلم، وفيه جودة طباع وإحسان بحسب ما يقدر عليه، وليس يتوسم منه سوء، وفيه ديانة وعفة، حلف لي في وقت بالأيمان المغلظة أنه لم يكن (١١) قط منه فاحشة اللواط ولا خطر له ذلك، ولم يزن ولم يشرب مسكرًا ولا أكل حشيشة، فرحمه الله وأكرم مثواه، صُلِّي عليه بعد الظهر يومئذ، وخُرج بالجنازة من باب النصر، فخرج نائب السلطنة من دار السعادة


(١) الركنية هي الجوانية.
(٢) هو محمد بن محمد بن عبد اللطيف مات سنة (٧٧١) هـ. الدرر الكامنة (٤/ ١٨٩).
(٣) الذيل للحسيني ص (٣٥٣).
(٤) واقفها: أمين الدولة غزال أبو الحسن وزير الصالح إسماعيل أبي الحبش، كان يهوديًا فأسلم في الظاهر، مات سنة (٦٤٨) هـ. الدارس (٢/ ٢٨٥).
(٥) من أجل مدارس دمشق، داخل باب الفراديس، شمال الجامع. الدارس (١/ ٢١٦)
(٦) في ط: ثالثه وهو غلط.
(٧) ترجمته في الذيل للحسيني ص (٣٥٥) وأبي من البصرة (٥/ ٣١١) والدرر الكامنة (٤/ ٢٨٧) والنجوم الزاهرة (١١/ ١٦) والدارس (١/ ٣٠٧) والذيل التام (١/ ١٩١).
(٨) الدارس (١/ ٣٠٧ و ٤٦٢)
(٩) الدارس (١/ ٣٠٧)
(١٠) الدرر الكامنة (٤/ ٢٨٨)
(١١) في ط: يمكن وهو تحريف.

<<  <   >  >>