للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فحضر الصلاة عليه هنالك، ودفن بمقبرة لهم بالصُّوفية، وتأسفوا عليه وترحموا، وتزاحم جماعةٌ من الفقهاء بطلب مدارسه انتهى.

ولما كان يوم الإثنين سابعه خرجت التجريدة صحبة حاجب الحجاب سيف الدين قماري قاصدين بلاد الروم لاستنقاذ ملطية وغيرها من أيدي العدو.

هذا وفي اليوم درّس قاضي القضاة بدر الدين بن أبي الفتح قاضي العساكر، ونائب خالية بالمدرسة الشامية الجوانية عوضًا عن كاتب السر (١) الدارج إلى رحمة الله. ولاه إياها الناظر عليها القاضي عماد الدين بن السيرجي محتسب البلد، وأنفذه له خاله الشيخ بهاء الدين قاضي الشام، وولاه نائب السلطنة، وخرج القضاة معه من دار السعادة، فحضر الدرس بها.

ودرس بالناصرية الجوانية قاضي القضاة الشيخ بهاء الدين السبكي الشافعي في يوم الأربعاء تاسعه: وذكر في الدرس أنه ينوبُ بها عن ولد القاضي علاء الدين بن فضل الله، وهو مقيم بمصر، فلما بلغ القاضي علاء الدين ذلك أبى وامتنع من قبول ذلك، فأثبت محضر قديم يتضمن شرط تدريس الناصرية لقاضي قضاة دمشق الشافعي، فأثبت على بعض الحكام، واستقرّت بيد قاضي القضاة الشيخ بهاء الدين بشرط الواقف.

واحتيط على الفرنج الذين هم بدمشق، وجمعت حواصلهم، وما عندهم من المتاجر والأمتعة، ورسم عليهم كلهم في منزل واحد. فاضطرب التجار عند ذلك، وخافوا على متاجرهم وأموالهم التي هي لهم في ذمّة الفرنج، وذلك في آخر يوم من الشهر.

شهر ذي الحجة، أوّله الأربعاء، في يوم السبت رابعه خرج نائب السلطنة الأمير قَشْتَمِر في جماعة من الأمراء مظهرًا أنه ذاهب إلى السّرجة من ناحية القابون، واستناب في الغيبة الأمير عمرشاه.

ولما كان صباح يوم الإثنين سادسه إذا بولد حيار أمير العرب المسمّى بصَوْلَة قد هرب من القلعة، وكان قد أرسله أبوه بقودٍ وهدايا كثيرة عوضًا عن مثوله. وأبى أن يقدم هو بنفسه خوفًا من السجن، وهو مع هذا قد عزل عن الإمرة وولّي ابن عمه معيقل، فلما قدم ولد حيار دمشق احتيط عليه، ورفع إلى القلعة معتقلًا محتفظًا به، وهو شاب مناهز الاحتلام فلما كان في هذا اليوم أصبح ومعتقله لا داع بر ولا مجيب. بل قد نزل من بعض شبابيك الحصن. وذهب سريعًا في الليل نحو أبيه.

ولما كان يوم الإثنين العشرين من هذا الشهر عزل الأمير زبالة عن نيابة القلعة، وجمع من يتعلق به منها. وأعيد إليها الأمير سيف الدين بهادر العلائي مرة ثانية (٢).


(١) هو محمد بن يعقوب. تقدم ذكره.
(٢) الخبر في تاريخ ابن قاضي شهبة ٣/ ٢٠٤.

<<  <   >  >>