للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

جهوري الصوت، صحيح العبارة. وكان يداوم على القيام في العَشْر الآخَر في محراب الصحابة من الجامع الأموي في شهر رمضان، ثم مرض خمسة أيام، ومات بعد الظهر يوم الثلاثاء عاشر شوال بدرب العميد، وصُلّي عليه العصر بالجامع الأموي ودفن بمقابر باب الصغير عند والدته، وكانت جنازته حافله .

وخرج المحمل السلطاني والحجيج يوم الخميس ثاني عشره، وأميرهم علاء الدين علي بن علم الدين الهلالي.

وفي صبيحة يوم الإثنين سادس عشره خُلع على الأمير علاء الدين بن بهادر الشجاعي نقيب النقباء بولاية البر مضافًا إلى ما بيده من النقابة، وهو أحد أمراء العشرات بدمشق، وهو مشكور السيرة.

شهر ذي القعدة، أوّله الإثنين، في يوم الأحد سابعه توفّي الشيخ قطب الدين محمد بن محمد التحتاني (١). أحد المتكلمين العالمين بالمنطق وعلم الأوائل، قدم دمشق من سنواتٍ، فنزل في دار إلى جانب المدرسة الظاهرية، وقد اجتمعت به، فوجدته لطيف العبارة، عنده ما يقال، ورأيته ضعيف العينين، يشتكي من ضعفهما، وله مالٌ وثروة، وله عيال وأولاد، ولم يزل مقيمًا بها حتَّى كانت وفاته في هذا الوقت .

وفي يوم الخميس الخامس والعشرين منه قدم البريدية من ناحية الشرق، ومعهم قماقم فيها ماء من عينٍ هناك من خاصيّته أن يتبعه طيرٌ يسمى (السّمرمر) أصفر الريش، قريب من شكل الخطاف من شأنه إذا قدم الجراد إلى البلد الذي هو فيه يفنيه ويأكله، فلا يلبث الجراد إلا قليلًا، حتَّى يرحل أو يؤكل، على ما ذكروه ليّ.

شهر ذي الحجّة، أوّله الثلاثاء، في المنتصف منه كمل بناء القيساريّة التي كانت معملًا بالقرب من دار الحجارة، قبلي سوق الدَّهشة الذي للرجال، وفتحت وأُكريت دهشةً لقماش النساء، وذلك بمرسوم ملك الأمراء ناظر الجامع الأموي، وفيه حصل لملك الأمراء وللقاضي الشافعي والحنبلي أيضًا، وعادهم الناس، ثم عوفي ملك الأمراء قبل القاضي، وراح إليه عاده، ثم عوفي الشافعي في أواخر الشهر.

وفي نفسه مما وقع في حقّه من كلام بعض الجهلة ممن كتب فيه أوراقًا تُرمى في أرجاء الجامع وغيره، فيها أشياء لا تُذكر، مما يجب في كثير منها الحدود والتّعزير، وقد وقع ظنُّه أنها من جهة ابن الرُّهاوي (٢).


(١) ترجمته في تاريخ قاضي ابن شهبة ٣/ ٢٦٧، نقلًا عن ابن كثير، وليس في المطبوع منه، والدرر الكامنة ٤/ ٣٣٩ والذيل التام ١/ ٢٦٠، والشذرات ٨/ ٣٥٥.
وعُرف بالتحتاني تمييزًا له من مطب آخر كان ساكن معه بأعلى المدرسة الظاهرية.
(٢) هو: أحمد بن محمد بن أحمد، جمال الدين أبو العباس الرُّهاوي الشافعي. قام على القاضي الشافعي وآذاه، وسوف يأتي الكلام عليه. مات سنة (٧٧٧ هـ).

<<  <   >  >>