للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كيلان، ولكنه فرح بقتل قُطلُوشاه (١) فإنه كان يريد قتله فكفي أمره عنهم، ثم قتل بعده بولاي، ثم إن ملك التتر أرسل الشيخ بُراق الذي قدم الشام فيما تقدَّم إلى أهل كيلان يبلغهم عنه رسالةً، فقتلوه وأراحوا الناس منه (٢). [وبلادهم من أحصن البلاد وأطيبها لا تستطاع، وهم أهل سُنَّة وأكثرهم حنابلة لا يستطيع مبتدع أن يسكن بين أظهرهم] (٣).

وفي يوم الجمعة رابع عشر صفر اجتمع قاضي القضاة بدرُ الدين بن جماعة (٤) بالشيخ تقي الدين ابن تيمية في دار الأوحدي من قلعة الجبل، وطال بينهما الكلام ثم تفرّقا قبل الصلاة، والشيخ تقي الدين مصمم على عدم الخروج من السجن، فلما كان يوم الجمعة الثالث والعشرين من ربيع الأول جاء الأمير حسام الدين مُهَنَّا بن عيسى (٥) ملك العرب إلى السجن بنفسه وأقسم على الشيخ تقي الدين ليخرجن إليه، فلما خرج أقسم عليه ليأتين معه إلى دار سلار، فاجتمع به بعض الفقهاء بدار سلار وجرت بينهم بحوث الصَّلاة كثيرة، ثم فرقت بينهم، ثم اجتمعوا إلى المغرب، وبات الشيخ تقي الدين عند سلار، ثم اجتمعوا يوم الأحد بمرسوم السلطان جميعَ النَّهار، ولم يحضر أحد من القضاة، بل اجتمع من الفقهاء خلق كثير، أكثر من كل يوم، منهم الفقيه نجم الدين بن الرّفعة (٦) وعلاء الدين التاجي، وفخر الدين ابن بنت أبي سعد، وعز الدين النَّمْراوي، وشمس الدين بن عَدْنان وجماعةٌ من الفقهاء، وطلبوا القضاة فاعتذروا بأعذار، بعضهم بالمرض بعضهم بالمرض، وبعضهم بغيره، وبعضهم بغيره، لمعرفتهم بما ابن تيمية منطو عليه من العلوم والأدلة، وأن أحدًا من الحاضرين لا يطيقه، فقبل عذرهم نائب السلطنة ولم يكلفهم الحضور بعد أن رسم السلطان بحضورهم وانفصل المجلس على خيرٍ، وبات الشيخ عند نائب السلطنة، وجاء الأمير حسام الدين مُهَنَّا يريد أن يستصحب الشيخ تقي الدين معه إلى دمشق، فأشار سلار بإقامة الشيخ (٧) بمصر عنده ليرى النَّاسُ فضله وعلمه، وينتفع الناس به ويشتغلوا عليه.

وكتب الشيخ كتابًا إلى الشام يتضمَّنُ ما وقع له من الأمور (٨).


(١) ليست في ب
(٢) ذكر صاحب الدرر (٢/ ٥): أنه أرسله غازان صحبة قليجا إلى جبال كيلان ليحاربهم، فأسروا الشيخ، وقالوا له: أنت شيخ الفقراء، كيف تجيء صحبة أعداء الدين لقتال المسلمين، وسلقوه في دست، وذلك في سنة (٧٠٧ هـ). انتهى.
(٣) ليست في ب
(٤) هو: محمد بن إبراهيم. سيأتي في وفيات سنة (٧٣٣ هـ)
(٥) سيأتي في وفيات سنة (٧٣٥ هـ).
(٦) في ط: نجم الدين بن الرفع. وهو أحمد بن محمد بن علي بن الرفعة. وسيأتي في وفيات سنة (٧١٠ هـ).
(٧) في ب: مدة بمصر.
(٨) في الأصل وأ زيادة يبدو جليًا أنها ليست من كتابة المصنف ، ولكن أوردناها هنا لاعتمادنا على هذه النسخة الخطية في عملنا أولًا، ولفائدتها ثانيًا.
قال ابن عبد الهادي: وكان مدَّة مقامه في الجبّ ثمانية عشر شهرًا، فلما خرج فرح خلق كثير بخروجه، وسرّووا =

<<  <   >  >>