للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأنواع من البليّات، وسقطت أصابعُه، وكان من آخر ذلك أن جوُّعوه، ثم أطعموه وزةً مشويّةً مملّحة، ثم سقَوْه بعدها ماءً مثلوجًا، وأطعموه بطيخًا كثيرًا، ثم ربطوا ذكرَه وأُنثيَيْه ربطًا شديدًا ومنَعُوه الإراقةَ، فيُقال: إنّه افتدى نفسه من هذه الحالة بنحو من ثلاثمئة ألف، ومن الذهب بسبعة آلاف دينار، ثم لم يفكوّه حتَّى مات من ليلته، فدفَنُوه بينَ قبورِ المُسلمين [والنّصارى] (١).

ثم جاءنا الخبرُ بوفاة خَوَنْدة (٢) بنت السلطان الملك الناصر محمد بن قلاوون الصالحي. زوج الأمير مَنْكَلي بُغَا بحلب، وهي ذاهبةٌ إليها، ودُفنت هناك في تربةٍ لها - رحمها الله - وتركت ولدَهَا عبدَ الرّحيم رضيعًا، جبره الله، وأنشأه نشئًا حسنًا.

شهر رجب الفرد، أوله الأربعاء، وهو ثالث آذار. خرج أكثرُ الركب الرّجَبي يوم الخميس، ثانيه، وهم خلقٌ كثير منهم؛ تقي الدين بن الظّاهري.

وقدم القاضي برهانُ الدّين بن الحلّي (٣) من صفدٍ إلى دمشقَ في آخر نهار الأربعاء الثامن من رجب ومعه مرسومٌ شريفٌ بنظر الجامع الأموي، وتوقيعٌ في الدّست، وغير ذلك، وأقرْأَني صورةَ محضرٍ، وعليه خطّ قاضي صفدٍ بصورةِ ما تهدَّم بسبب الزَّلزلة التي كانت عندهم، وكان ابتداؤُها كما ذكرنا صبيحة يوم الإثنين التاسع والعشرين من جُمادى الآخَر، وذكر القاضي برهان الدين أنّها استمرَّت تعاودُهم في كلِّ يوم مرَّتين، من يوم الإثنين إلى يوم السبت رابعِ رجب، فذكرَ في المحضر أنّه انهدم من أبرجةِ القلعة، ومنها ما تفجّر نحوًا من بضعةَ عشرَ [برجًا] (٤)، وقد فصَّلوا ذلك برجًا برجًا، وبدنةً بدَنَةً بأسمائها وصفاتها، وأنَّه هلك خلقُ كثير تحتَ رَدْم الهَدْم، وكذلك من أهل البلد وضواحيها خلقٌ كثير لم يُحصَوْا، فيُذكروا .

وذكرَ لنا القاضي برهانُ الدّين أنّ هذه القلعة ليس في قلاع الإسلام على هيئتها، وأنّ فيها من نَفَّاطَات (٥) النِّفط ما يساوي ثلاثمئة ألف درهم، وفيها من بنادق الرّصاص ما يقارب ذلك، ومن صناديق النّشاب شيءٌ كثير، ومن السُّيوف عشرةُ آلاف سيفٍ.


= قزوينة) بالزاي، وتاريخ ابن قاضي شهبة ٣/ ٣٠١ والنجوم الزاهرة ١١/ ٩٧، والذيل التام ١/ ٢٢٠.
(١) في الأصل: سقط قدر كلمة. وهو استدراك يقتضيه السيّاق.
(٢) توفيت في حلب ودفنت هناك، ثم نقلت في آخر سنة ٧٧٩ هـ إلى تربتها التي أنشأها لها زوجها في دمشق قبالة جامع كريم الدين. انظر تاريخ ابن قاضي شهبة ٣/ ٣٢١.
(٣) في الأصل. (الحلبي). تحريف. وهو إبراهيم بن عبد الله الرئيس، برهان الدين ابن القاضي بهاء الدين بن الحلّي المصري. توفي سنة (٧٧٧ هـ) انظر تاريخ ابن قاضي شهبة ٣/ ٤٨٦.
(٤) ليس في الأصل، واستدركته من تاريخ ابن قاضي شهبة ٣/ ٢٩٥. نقلًا عن ابن كثير.
(٥) في الأصل: (فقاعات). تحريف.
والنفّاطات: أدواتُ تُعملَ من نحاسٍ يُرمى فيها بالنفط والنار. اللسان (نفط).

<<  <   >  >>