كتاب البداية والنهاية - تكملة ط دار ابن كثير

سنة ثمان وستين وسبعمئة من الهجرة - مقتل يلبغا الخاصكي - ج: 16 - ص: 579

ولمّا كان يوم الإثنين ثالث عشره: لبس الخِلْعة، وباشرَ عند باب المشهد، وخَلع هو على نقيب المتعمّمين.

وفي يوم الإثنين العشرين منه: طيف بخمسة مسمَّرين على جمالٍ حولَ البلد، وقطّعت أعصابهم؛ ظَهرَ عليهم أَنَّهم يَطُوفون باللّيل على أبواب الناس يفتحونها، ويدخلون قهرًا إلى أهلها؛ فيأخذون ويقتُلون، وهم من جملة مَنْسَرٍ (١) حصَّلهم والي البر سيفُ الدِّين (٢) بن البُرَاق - رحم الله والده (٣).

وفي يوم الخميس الثالث والعشرين منه. لبسَ الأميرُ عمرُ شاه خِلعة الحُجُوبية الكبيرة في دمشق (٤)، وهنّاه النّاسُ بذلك، وقد كان نائبَ حماة قبلَ ذلك، فشُكرَت سيرتُه.

شهر شعبان المكرم، أوله الجمعة. في يوم السبت تاسعه دُفنَ القاضي مجد الدين حمّاد بن القاضي شهاب الدين قاضي العسكر بمقابر [الصُّوفية. وُلِّي] (٥) قضاءَ العسكر للحنفية، وتدريس المُعينيّة (٦)، وتدريس الشِّبليّة بالصّالحية (٧).

وفيه بلغنا خبرُ عزِّ الدين حمزةَ بن شرف الدّين بن السَّيرجي وولدِه محمّد وقَتْلهما، حيث عُدي عليهما بقرية مُجَيْدل القرية؛ لعداوة كانت بينه وبين فلاحيها بسبب أنّه عاملُ الوقتِ، وولده مشدُّه (٨)، فبيَّتُوهما في اللّيل، ودخلوا عليهما فهبَرُوهما بالسُّيوف، وكان ولده صغيرًا دون العشرين، ثمّ نحروا الخيل عليهما، وحرقوا الجميع بالنار، ولكن هرب [المهتار] (٩) الذي كان معهما فسَلِمَ. ووصلَ الأمرُ إلى والي الولاة؛ فأرسلَ إلى نائب السلطنة، فجرَّد إليه أميري (١٠) طَبْلخاناه بسببهم.

وكذلك أخبرني ملكُ الأمراء أَبَيْدَمِر أنَّه اجتمع جمعُ قريبٌ من ستمئة مقاتل من أهل اللَّجاة (١١)، فنزلوا

---

(١) المِنْسَرُ: القطعة من الخيل. اللسان (نسر). والمَنْسَرُ: جماعة اللصوص يهجمون الدور والحوانيت.
(٢) هو أبو بكر بن براق، أمير آخور السلطان بدمشق. توفي سنة (٧٥٧ هـ). انظر تاريخ ابن قاضي شهبة ٣/ ١٠٤.
(٣) هو سيف الدين براق أمير آخور بجامع تنكز. تقدم في وفيات سنة ٧٥٧ هـ. وقد أطراه ابن كثير.
(٤) عن الأمير أيُدَمِر الشّيخي. تاريخ ابن قاضي شهبة ٣/ ٢٩٥.
(٥) في الأصل: طمس قدر كلمتين. ولم أقع على ترجمةٍ له.
(٦) بالعصرونية. الدارس ١/ ٤٠٦.
(٧) بسفح قاسيون، بالقرب من جسر ثورى. الدارس ١/ ٤٠٧.
(٨) المشدُّ والشدُّ والشَّادُّ. كلَّها بمعنىً، وتعني المفتّش أو الناظر والمدير. والوظيفة تسمّى الشَّادِّية. انظر معجم الألفاظ التاريخية. لدهمان ص ٩٥.
(٩) في الأصل: طمس قدر كلمة. والمهتار: من الوظائف الإدارية.
(١٠) في الأصل: (أميران). وهو غلط.
(١١) اللّجاة: حرّة سوداء بأرض صلخد من نواحي الشام، فيها قرى ومزارع. معجم البلدان ٥/ ١٣.