للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

على قرية يقال لها: حنبك، فقتلوا أهلها، ونهبوها، ثمّ إلى قرية أخرى يقال لها: خلخلة، فقتلوا إحدى الطائفتين ونهبوهم، ثم كرُّوا راجعين إلى بلادهم، وتفاقم الحالُ.

وفي هذا الشّهر خُلع على الصَّاحب سعد الدين ماجد خِلعةً هائلة بتوقيع الدَّست عوضًا عن قاضي العسكر الدارج، وخُلعَ على القاضي بدر الدين الجواشني نائب الحكم لقاضي القضاة جمال الدين بن السِّراج الحنفي بولاية قضاء العساكر عوضًا عن حميد الدين حمَّاد ابن قاضي العسكر شهاب الدين الرَّسْعنيّ الحنفي.

شهرُ رمضانَ المعظّم، أوُله السبت، وهو مستهلٌ أيار. في يوم الجمعة سابعه بعد الصّلاة صُلِّي على غائبين (١) من أهل الحجاز: أحدُهما الشَّيْخ عبد الله اليافعي اليمني (٢)، مكثَ مدَّة طويلةً مجاورًا بمكة، وله تصانيف في التّصوُف وغير ذلك، وله نظم، وفي كلامه ما يُنْكره عليه كثيرٌ من العلماء، ووقفتُ على بعضه فرأيتُ فيه كلامًا فيه شَطْحٌ كثيرٌ، وإطلاقُ عباراتٍ لا ينبغي ذكرُها، وقد قارب الثّمانين أو جاوزها .

وفي يوم الخميس ثالث عشره. جرت خَبْطةٌ عظيمةً في البلد، وسببُها أن متولي البلد رسم له عمرُ شاه حاجبُ الحجاب بضربِ بعض العامة؛ لكونهم امتنعوا من الحضور إلى بين يديه، وضرَبوا بعضَ أعوانه، فلمّا ضربَهم المتولّي كما رُسِمَ له استغاث العامَّة، واجتمع معَهم نساءٌ كثيرٌ، ودخَلوا الجامع يهللون، ودخلَ النِّساءُ معهم أيضًا إلى [الجامع] (٣) يشكون (٤) أمرهم إلى قاضي القضاة تاج الدين، وهو في دار الخِطَابة، وطلبوا حكمَ الشرع، ثم إنَّهم راحوا إلى دار السّعادة، فدخلوا إلى بين يدي نائب السَّلطنة، وهم يهلّلون؛ فسألهم عن خبرهم، فذكروا له ما جرى عليهم، فرسَم بإحضار الوالي فلامه على ذلك، فذكر له أنَّ الحاجبَ أمره بذلك، فضربَه بين يديه، وقال له: هلَّا شاورتني قبل ذلك، وأمرَ نائبُ السّلطنة فنودي في البلدان من طلبَ حكمَ الشّرع لا يُمنع، ومن منعه عوقب عقابًا شديدًا، وأرسلَ إلى الحاجب ليُحضره فاعتذر، وعزم على تَرْك المباشرة.

ثم اجتمع القضاة بنائب السّلطنة، وتكلَّموا مع الحَجَبة كلامًا غليظًا في افتئاتهم على كثيرٍ من الأحكام الشرعية، وجرت بينهم مقاولات، وتكلّم الشافعي كلامًا نافعًا قويًا، واستندب القضاةُ فأجادوا، وكان مجلسًا نافعًا.


(١) ذكر ابن كثير واحدًا منهما، وسَهَا عن الآخَر.
(٢) ترجمته في إتحاف الورى لابن فهد ٣/ ٣٠٧، والدرر الكامنة ٢/ ٣٥٢، والنجوم الزاهرة ١١/ ٩٣، والذيل التام ١/ ٢٢١، وشذرات الذهب ٨/ ٣٦٢.
(٣) في الأصل: طمس قدر كلمة.
(٤) في خ: (يشكوا) وهو غلط.

<<  <   >  >>