للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

شهر رجب الفرد، أوله الأربعاء، وفي أول شباط. في يوم الثلاثاء رابع عشره توفيّ قاضي القضاة الشيخ شرف الدين أحمد بن قاضي القضاة قاضي الجبل شرف الدين حسن الحنبلي المقدسي (١) بسفح قاسيون وصُلّي عليه بالجامع المُظَفَّري، ودفن بمدرسة الشيخ أبي عمر بالسفح، ويضم تربة جَدّهم، وكان من مشايخ العلماء الكبار ممن يأْذَنُ للفضلاء في الإفتاء، كثير الفنون، له يدٌ في علوم متعدّدة، وله مصنَّفاتٌ عدة قديمةٌ وحديثةٌ، ودَرَّس في أماكن متعدّدةٍ بالجَوْزية والصَّالحية، وبحلقة الثلاثاء بالجامع الأموي، وبمدرسة أبي عمر، ثمّ وَلي القضاء بعد عزل المَرداوي، فلم يُحمد في مباشرة القضاء، ولا فرح به صديقه، بل شمت به عدوُّه حتى كانت وفاته في هذا اليوم، وقد قاربَ الثَّمانين، وقد قيل: إنّه خلّف ما ينيف عن مئتي ألف درهم، ما بين حواصل، وكتبٍ وأملاكٍ وغير ذلك. سامحه الله تعالى ورحمه.

وفي يوم الأربعاء درّس بحلقة الثلاثاء بالجامع الأموي عوضًا عن الشيخ شرف الدين الدَّارج (٢) المذكور الفقيهُ البارعُ الإمام العالم الشّيخ زين الدين عبد الرحمن ابن الشيخ شهاب الدين أحمد بن رجب البغدادي ثم الدّمشقي الحنبلي، وحضرَ عنده القاضيان الشّافعي والحنفي وجماعةٌ من الفضلاء والأعيان (٣).

وفي يوم الخميس سادس عشره داروا بالمحمل (٤) حول البلد على العادة [ومرُّوا] (٥) به بين يدي نائب السلطنة مَنْجَك، وكان قد قدم بالأمس من تأسيس قرية أنشأها عند رأس وادي [بدّرأس] (٦).

وفي يوم الأحد تاسع عشره درَّس بالجَوْزية القاضي علاء الدين علي ابن القاضي صلاح الدين بن المُنَجَّى عوضًا عن مستنيبه قاضي القضاة شرف الدين المذكور، نزلَ له عنها، ودرس في الصَّاحبة عوضًا عن قاضي القضاة شرف الدّين أيضًا الفقيه الفاضل البارع [شهاب] (٧) الدين ابن القاضي شمس الدين بن مُفلح، وقد كان معه ربع تدريسها، فرَسَم له نائبُ السّلطنة بتكملتِها (٨).

وفي هذا الشهر ارتفع سعرُ القمح إلى المئتين وعشرين، ثم ترقَّى إلى أن وصل إلى المئتين وستّين


(١) ترجمته في: تاريخ ابن قاضي شهبة ٣/ ٣٦٤ - ٣٦٥. نقل بعضه عن ابن كثير، والدرر الكامنة ١/ ١٢٠ - ١٢١، والذيل التام ١/ ٢٤٣، ونقل عن ابن كثير أيضًا. والدارس ٢/ ٤٤، والمنهج الأحمد ٥/ ١٣٥، والشذرات ٨/ ٣٧٦.
(٢) المُتَوفّى.
(٣) انظر تاريخ ابن قاضي شهبة ٣/ ٣٦١.
(٤) في الأصل: (الحمل). وهو تحريف.
(٥) في الأصل: طمس قدر كلمة.
(٦) هكذا في الأصل، ولم أهتد إلى حقيقته.
(٧) في الأصل: طمس قدر كلمة.
(٨) انظر المنهج الأحمد ٥/ ١٨١.

<<  <   >  >>