للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

شهر ربيع الآخر، أوّلُه السبت في هذا الشهر استدعى قاضي القضاة تاج الدّين عبد الوهاب السُّبكي الشافعي الشيخ الصالح المعمَّر شهاب الدين أحمد بن عبد الكريم بن أبي الحسين البَعْلَبَكِّي (١) إلى دمشق فسمع عليه (صحيح مُسلم) بدار الحديث الأشرفية بقراءة الشّيخ عماد الدّين بن السِّراج، وخُتم في يوم الخميس بكرة النهار الخامس من جمادى الأول، واجتمع في هذا السّماع عليه خلقٌ كثيرٌ، وجمٌّ غفيرٌ، وأحسن إليه قاضي القضاة إحسانًا كثيرًا زائدًا - أحسن الله إليه -.

وفي هذا اليوم أيضًا قبل الزَّوال استدعَيْناه (٢) إلى دَرْب الشَّيرجي (٣)؛ فأسمعنا عليه أولاد الولدِ عبد الرحمن: محمد شاه وفاطمة بحضرة أبيها. وإخوة عبد الرحمن، وهم: محمد، وشقيقه أحمد، وأحمد الثاني، وشقيقه عبد الوهاب في الخامسة، وشقيقتهما عائشة في الثانية، وزينب في الأولى والمَسموع يومئذٍ (الأَرْبَعون الرُّباعية من صحيح مُسلم) والأحاديث التي رواها مُسلم عن أحمد في جزءٍ آخر، وخمسة أحاديث من مسلم تخريج الحافظ الذَّهبي، وسمَّعَ الجزء الذي رواه مسلم عن أحمد فاطمهُ ابنتي وزوجتي أم أحمدَ وعبد الوهاب المقدّم ذكرهما.

شهر جمادى الأوّل، أوله الأحد. لم أجد فيه شيئًا من الحوادث.

شهرُ جُمادى الآخر، أوّلُه الإثنين. في أوائله قدِمَ القاضي شمسُ الدّين محمد بن مرّي إلى دمشق، وقد ورد البريدُ بعوده إلى الحسبة عوضًا عن الولد عُمَر، كان قد تولاها الولدُ في أوائل شهر ربيع الآخر فعُزل بالقاضي شمس الدين بن مرّي كما ذكرنا، فلبس الخِلعةَ ودار في البلد على العادة، وأظهر شدَّةً [وحرصًا] (٤) وأرعب العامَّة وأدَّبهم.

هذا كلُّه والخبزُ ما بين العشر أواق إلى الرَّطل مع سقوط أمطارٍ كثيرة وثلوجٍ في الشام كلّه، وجرت الأوديةُ بحورَان، ولله الحمد والمنَّة.

كلُّ هذا والقمح - بحمد الله تعالى - سعره ما بين المئتين ومئة وتسعين، والشعير بمئة وعشرين ونحوها.

وفي أواخره عُزل ناصر الدّين محمد بن الغّاوي عن ولاية المدينة، وتولاها ابن دُغَا الفيقي بمرسومٍ شريف.


(١) انظر: تاريخ ابن قاضي شهبة ٣/ ٤٨٧. وفيه: "وأقدمه القاضي تاج الدين السّبكي دمشق؛ فسمعوا منه (صحيح مسلم). وتوفي المذكور سنة (٧٧٧ هـ).
(٢) المستدعي ابن كثير نفسه. لإسماع أولاده وأولاد أولاده بنين وبنات.
(٣) في الأصل: (السِّيرجي) بالسِّين وهو تحريف. وفيه سَكَنُ ابن كثير.
(٤) في الأصل: طمس قدر كلمة.

<<  <   >  >>