للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي يوم الأربعاء سادس عشر منه حضر الدّرس للمالكيّة قاضي القضاة زين الدين المارُوني بالجامع الأموي وبالمدارس التي للمالكية، وحضر عندَهُ القاضيان الشافعي والحنفي وجماعةٌ من الأعيان.

وفي ليلة الأحد سلخ هذا الشَّهر كانت وفاة الأمير الكبير سيف الدين جُرْجي (١) أحد أمراء الألوف، وقد عمل الدَّوادارية بمصرَ للسَّلطان، ثم نابَ بطرابلُس، ثم بحلب، ثم نُقل إلى دمشق، فكان رأس المَيمنة بها إلى أن توفّي في هذا الحين، ودفن بسفح قاسيون، وكان عفيفًا عن الشَّراب والفُروجِ (٢) ولكن لم يكن عفيفًا عن المال [والظلم] (٣).

شهر ربيع الأوّل، أوّلُه الإثنين. في أوائل هذا الشّهر جاءتِ الأخبارُ من الدّيار المصرية بمصالحة الفرنج بقُبرص وغيرها من جزائر البحر الجَنَويَّة (٤) والبنادقة والكَيْتَلان على أن يضعوا (٥) عشرين سنةً بشرط أن يردُّوا جميع ما استَأسرُوه من مدينة إسكندريّة، وأن يضمَنُوا جميع الأموال التي كانوا أَخَذُوها منها، وأُطْلِقَ الفِرنْجُ الذين كانوا في القَلْعَة، فتصرَّفوا، وباعوا، واشترَوْا، وفرحَ التَّجَارُ بذلك.

وفي ليلة الأحد الحادي والعشرين منه توفيّ الأمير بدرُ الدّين يونُس (٦) داوادار نائب السلطنة مَنْجَك.

وصلّي عليه صبيحةَ يومِ الأحد بجامع دمشقَ، وخرجَ في جنازته خلقٌ كثيرٌ من الأعيان وغيرهم، ودُفِنَ بسفح قاسيون تجاه النَّاصرية، ولم يجاوز الأَربعين من العمر، وتأسَّف الناسُ عليه، وحزن عليه أبواه وأخواه (٧) حزنًا كثيرًا، وكان متولي نظرِ الجامع الأموي نيابةً عن نائب السَّلطنة، ونظر البيمارستان النُّوري، ونظر الأشراف، وغير ذلك، ولم يتَّفق ذلك لأحدٍ قبلَه من الدّويدارية، وكان معه أيضًا إمرة عشرة وسامحه -.

وفي هذا الشّهر رَخُصَتِ الأَسعارُ، وصارَ القمحُ بما دون المئة، ونُودي على الخبز كلُّ رِطْلَيْنِ بدرهمٍ، وأما الشَّعير فإنّه قليل، سعرُه من الخَمسين إلى الستّين والسّبعين أيضًا.

وفي يوم الأربعاء الرابع والعشرين من ربيع الأوّل: توفّي الشيخُ فخرُ الدين عثمانُ ابن القاضي تقي


(١) جرجي الناصري الإدريسي. ترجمته في: تاريخ ابن قاضي شهبة ٣/ ٣٨٦. نقلًا عن ابن كثير والنجوم الزاهرة ١١/ ١١٦.
(٢) في الأصل: (والفروج والزّنا). وليست (الزّنا) فيما نقله ابن قاضي شهبة عن ابن كثير.
(٣) في الأصل: طمس قدر كلمة.
(٤) في الأصل: (الجنوبية). تحريف.
(٥) يعني: يُلقون السّلاح، ويَجْنَحُون للسّلم.
(٦) هو: يونس بن أبي بكر بن الحسن الأمير بدر الدين. ترجمته في تاريخ ابن قاضي شهبة ٣/ ٣٩٦.
(٧) في الأصل: (وأخويه). وهو غلط.

<<  <   >  >>