للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

منه، واستمرَّ ذلك أكثر من جَمُعةٍ، وحَصَلَ بسبب ذلك بَرْدُّ شديدٌ؛ فطابت القلوبُ بذلك، واطمأنَّتِ النّفوس، وزالَ عن أهل حَوْران ما كانوا فيه من الورد، وجرت الأوديةُ، وامتلأت الآبار والبركُ وفاضَتْ، وغَمَرتِ الجبلَيْن الشرقيَّ والغربيَّ الثلوجُ بما لا يُحدُّ ولا يُوصفُ، ولله الحمدُ والمنّة أولًا وآخرًا.

شهرُ شعبانَ المكرَّم، أولُه الخميس. في مستهلّه لبسَ الصَّاحِبُ تاجُ الدين عبدُ الوهاب ابن التاج إسحاق خلعةً بنظرِ الدَّواوين بدمشقَ عودًا على بدء (١)، وعُزلُ الذي كان قبله بحكمِ عَجْزِهِ عن المباشرة وقلَّة معرفته.

هذا آخر ما أملاه عليَّ الوالدُ الحافظُ ابنُ كثير - رحمه الله تعالى - ممَّا اتفق في ضُعفه الذي توفيّ فيه، ولم يتفق في أيّام مرضِهِ شيءُ (٢) من الحوادث إلا وفاةُ صدر الدين (٣) أحمد ابن إمام المشهد (٤) في يوم الخميس ثامِنِهِ، كان من أصْحَاب الحديثِ، وله اشتغالٌ (٥).

* * *


(١) وكان قد عُزل في صفر بالصاحب جمال الدين بن البطش الحلبي. انظر تاريخ ابن قاضي شهبة ٣/ ٤١١ و ٤١٢.
(٢) في الأصل: (شيئًا) وهو غلط.
(٣) في الأصل: طمس قدر كلمتين.
(٤) هو: أحمد بن محمد الأنصاري الدمشقي، الشهير بابن إمام المشهد.
ترجمته في: تاريخ ابن قاضي شهبة ٣/ ٤١٥.
(٥) إلى هنا انتهى كتاب ابن كثير البداية والنهاية وفق ما صرّح به ابنه عبد الرحمن.
وهو ما يوافق ما صرح به السخاوي في الذيل التام ١/ ٢٥٩. في سنة (٧٧٤ هـ) قال: "وفي أثناء شعبانها انتهى (تاريخ العماد بن كثير). وكان من حين ضَرَرِهِ وضُعْفه يُملي فيه على ولده عبد الرحمن ا. هـ.

<<  <   >  >>