للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال: فكان (١) قاضي المالكية ابن مَخْلُوف يقول: ما رأينا مثل ابن تيمية (٢)، حَرَّضنا عليه فلم نقدر عليه وقدر علينا فصفَحَ عنا وحاجَجَ عنا، ثم إن الشيخ بعد اجتماعه بالسلطان نزل إلى القاهرة وعاد إلى بث العلم ونشره، وأقبلت الخلق عليه ورحلوا إليه يشتغلون عليه ويستفتونه ويجيبهم بالكتابة والقول، وجاء الفقهاء يعتذرون مما وقع منهم في حقه فقال: قد جعلت الكل في حل، وبعث الشيخ كتابًا إلى أهله يذكر ما هو فيه من نعم الله وخيره الكثير، ويطلب منهم جملة من كتب العلم التي له ويستعينوا على ذلك بجمال الدين المزي، فإنه يدري كيف يستخرج له ما يريده من الكتب التي أشار إليها، وقال في هذا الكتاب: والحق كل ما له في علو وازدياد وانتصار، والباطل في انخفاض وسفول واضمحلال، وقد أذلَّ الله رقاب الخصوم، وطلب أكابرهم من السلم ما يطول وصفه، وقد اشترطنا عليهم من الشروط ما فيه عز الإسلام والسنة، وما فيه قمع الباطل والبدعة، وقد دخلوا تحت ذلك كله، وامتنعنا من قبول ذلك منهم، حتى يظهر إلى الفعل، فلم نثق لهم بقول ولا عهد، ولم نجبهم إلى مطلوبهم حتى يصير المشروط معمولا والمذكور مفعولًا، ويظهر من عز الإسلام والسنة للخاصة والعامة ما يكون من الحسنات التي تمحو سيئاتهم، وذكر كلامًا طويلًا يتضمن ما جرى له مع السلطان في قمع اليهود والنصارى وذلهم، وتركهم على ما هم عليه من الذلة والصَّغار والله سبحانه أعلم (٣).

وفي شوال أمسك السُّلطان جماعة من الأمراء قريبًا من عشرين أميرًا (٤).

وفي سادس عشر شوّال وقع بين أهل حوران من قيس ويمن، فقتل منهم مقتلة عظيمة جدًّا، قُتِلَ من الفريقين نحو من ألف نفس بالقرب من السُّوَيْداء، وهم يسمونها يوم (٥) السويداء، ووقعة السُّويداء (٦)، وكانت الكسرة على يمن، فهربوا من قيس حتى دخل كثير منهم إلى دمشق في أسوأ حال وأضعفه، وهربت قيس خوفًا من الدولة، وبقيت القرى خالية والزروع سائبة. فإنا لله وإنا إليه راجعون.

وفي يوم الأربعاء سادس ذي القعدة قدم الأمير سيف الدين قَبْجَقُ المنصوري نائبًا على حلب (٧) فنزل القصر ومعه جماعة من أمراء المصريين، ثم سافر إلى حلب بمن معه من الأمراء والأجناد، واجتاز الأمير سيف الدين بَهَادر بدمشقَ ذاهبًا إلى نيابة طرابلس (٨) والفتوحات السواحلية عوضًا عن الأمير سيف الدين


(١) في ط: وكان.
(٢) من هنا بياض قدر ورقة في الأصل. واستدركته من أ.
(٣) ليست في ب
(٤) النجوم الزاهرة (٩/ ١٣) وقد ذكر أنهم اثنان وعشرون، وأورد ثبتًا بأسمائهم.
(٥) ليست في ط.
(٦) ليست في ب.
(٧) ليست في ب.
(٨) في ط: طرابلس نائبًا.

<<  <   >  >>