للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أسَندَمر (١)، ووصل جماعةٌ ممَّن كان قد سافر مع السلطان إلى مصر في ذي القعدة منهم قاضي قضاة الحنفية صدر الدين الحنفي ومحيي الدين بن فضل الله وغيرهما.

قلت: وجلست يومًا إلى القاضي صدر الدين الحنفي بعد مجيئه من مصر، فقال لي: أتحبُّ ابن تيمية؟ قلت: نعم، فقال لي وهو يضحك: والله لقد أحببت شيئًا مليحًا، وذكر لي قريبًا مما ذكر ابن القلانسي، لكن سياق ابن القلانسي أتم.

مقتل الجَاشْنَكيري (٢): كان قد فر الخبيث (٣) في جماعة من أصحابه، فلما خرج الأمير سيف الدين قَرَاسُنقُر المنصوري من مصر متوجهًا إلى نيابة الشام عوضًا] (٤) عن الأفرم، فلما كان بغزة في سابع ذي القعدة ضرب حلقة لأجل الصيد، فوقع في وسطها الجاشنكير في ثلاثمئة من أصحابه، فأحيط بهم، وتفرّق عنه أصحابه فأمسكوه، ورجع مع قَرَاسُنقُر وسيف الدين بَهَادر على الهجن، فلما كانوا بالخَطَّارة (٥) تلقاهم أَسَنْدَمُر فتسلَّمه منهم، ورجعا إلى عسكرهم، ودخل به أسَندَمر على السلطان فعاتبه ولامه، وكان آخر العهد به، وقتل ودفن بالقرافة، ولم ينفعه شيخه المنبجي ولا أمواله، بل قتل شر قتلة (٦).

ودخل قَرَاسُنقُر دمشقَ يوم الإثنين الخامس والعشرين من ذي القعدة فنزل بالقصر، وكان في صحبته ابن صَصْرَى وابن الزَّمْلَكاني وابن القلانسي، وعلاء الدين بن غانم، وخلق من الأمراء المصريين والشاميين، وكان الخطيب جلال الدين القزويني قد وصل قبلهم يوم الخميس الثاني والعشرين من الشهر، وخطب يوم الجمعة على عادته، فلمّا كان يوم الجمعة الأخرى وهو التاسع والعشرون من الشهر خطب بجامع دمشق القاضي بدر الدين محمد بن عثمان بن يوسف بن حداد الحنبلي (٧) عن إذن نائب السلطنة، وقرئ تقليده على المنبر بعد الصَّلاة بحضرة القضاة والأكابر والأعيان، وخلع عليه عقيب ذلك خلعة سنية، واستمر يباشر الإمامة والخطابة اثنين وأربعين يومًا.

ثم أُعيد الخطيب جلال الدين (٨) بمرسوم سلطاني، وباشر يوم الخميس ثاني عشر المحرم من السنة الآتية


(١) في ط: أستدمر.
(٢) "الجاشنكير": هو لفظ فارسي ومعناه: التحدث في أمر السماط مع الأستادار. صبح الأعشى (٤/ ٢١).
وترجمته في: الدرر الكامنة (١/ ٥٠٢) وابن خلدون (٥/ ٤٢٢) والنجوم الزاهرة (٨/ ٢٣٢) وبدائع الزهور (١/ ٤٣٥) وشذرات الذهب (٦/ ١٩).
(٣) ليست في ب.
(٤) إلى هنا وينتهي البياض المشار إليه من قبل.
(٥) في ط: كان. والخطارة: موضع قرب القاهرة من أعمال الشرقية. التاج (خطر).
(٦) ليست في ب.
(٧) سيأتي في وفيات سنة (٧٢٤ هـ).
(٨) سيأتي في أحداث السنة القادمة.

<<  <   >  >>