للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والثُّوجَة (١) والفضالية (٢) لكونه بدون ثمن المثل، ونفذه بقية الحكام، وأحضر ابن القلانسي إلى دار السعادة وادعى عليه بريع ذلك، ورسم عليه بها، ثم حكم قاضي القضاة تقي الدين الحنبلي بصحة هذا البيع وبنقض ما حكم به الدمشقي، ثم نفّذ بقية الحكام ما حكم به الحنبلي. وفي هذا الشهر قُرِّر على أهل دمشق ألف وخمسمئة فارس لكل فارس خمسمئة درهم، وضربت على الأملاك والأوقاف، فتألم الناس من ذلك تألمًا عظيمًا، وسُعِيَ إلى الخطيب جلال الدين فسعى إلى القضاة واجتمع النَّاس بكرة يوم الإثنين ثالث عشر الشهر واختلفوا (٣) بالاجتماع، وأخرجوا معهم المصحف العثماني والأثر النبوي والسناجق الخليفية، ووقفوا في الموكب، فلما رآهم كَرَاي تغيظ عليهم، وشتم القاضي (٤) والخطيب (٥)، وضرب مجد الدين التونسي (٦) ورسم عليهم ثم أطلقهم بضمان وكفالة، فتألم الناس من ذلك كثيرًا، فلم يمهله الله إلا عشرة أيام فجاءه الأمرُ فجأةً فعُزِلَ وحُبِس، ففرح النَّاسُ بذلك فرحًا شديدًا (٧)، ويقال: إن الشيخ تقي الدين بلغه ذلك الخبر عن أهل الشام فأخبر السلطان بذلك فبعث من فوره فمسكه شر مسكة (٨).

وصفة مسكه أنه قدم الأمير سيف الدين أَرْغُون الدوادار فنزل في القصر، فلما كان يوم الخميس الثالث والعشرين من جمادى الأولى خلع على الأمير سيف الدين كرَاي خِلعة سنية، فلبسها وقبَّل العتبة، وحضر الموكب ومدَّ السِّماط، فقُيِّدَ بحضرة الأمراء وحُمِل على البريد إلى الكَرَك صُحْبَة غرلو العادلي، وبيبرس المجنون (٩).

وخرج عز الدين بن القلانسي من التّرسيم من دار السعادة، فصلى في الجامع الظهر ثم عاد إلى داره، وقد أُوقدت له الشموع، ودعا له الناس، ثم رجع إلى دار الحديث الأشرفية فجلس فيها نحوًا من عشرين يومًا، حتى قدم الأمير جمال الدين نائب الكرك.


(١) الثُّوجة وتعرف اليوم بالصوجة بالصاد. وهي مزرعة تابعة لقطنا، من ريف دمشق.
(٢) في ط: الفصالية بالصاد، وهي مزرعة معروفة في أول المرج. الدارس (٢/ ٣٦٧)
(٣) في ب وط: احتفلوا. تحريف
(٤) يعني: ابن صَصْرَى.
(٥) يعني: جلال الدين القزويني
(٦) هو: أبو بكر بن محمد بن قاسم، ذكر من قبل، وسيأتي في وفيات سنة (٧١٨ هـ).
(٧) الدارس (٢/ ٢٩٧)
(٨) ليست في ب
(٩) الدرر الكامنة (٣/ ٢٦٧) وبدائع الزهور (١/ ٤٤٠). وكان مسكه في الثالث والعشرين من جمادى الأولى. وغرلو: هو نائب دمشق لكتبغا كما سيأتي في وفيات سنة (٧١٩ هـ).

<<  <   >  >>