للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وولد شيخنا المذكور سنة ١٢٣٦ ست وثلاثين ومائتين وألف، ونشأ نشأة صالحة وشد إلى التعلم عزائمه، ونتوجه لقراءة العلم الشريف بجامع الزيتونة، فقرأ على أخيه الأكبر الشيخ محمد النيفر المفتي المالكي كتب النحو من مباديها إلى أن أتى على ألفيبة ابن مالك، وقرأ عليه مصطلح الحديث ومختصر السعد، ونبذة من المطول، وتفسير القاضي البيضاوي، وقرا على الشيخ أبي عبد الله محمد بن سلامة المفتي المالكي شرح التاودي على نظم ابن عاصم بحواشيه، وشرح الشفا للقاضي عياض، وقرأ على المولى الجد الشيخ أبي عبد الله محمد السنوسي المختصر الخليلي، وقرأ على شيخ الإسلام أبي عبد الله محمد معاوية المطول، وقرأ على الشيخ أبي عبد الله محمد بن ملوكة رسالته المنطقية وغيرها، وقرأ على غير هؤلاء من أعلام الشيوخ كالشيخ أبي أسحق إبراهيم الرياحي، وشيخ الإسلام الشيخ محمد بن الخوجة والشيخ أبي عبد الله محمد الخضار المفتي المالكي، والشيخ أبي عبد الله محمد البنا، وقد برع في المعقول والمنقول مع حسن العارضة وجلس للتدريس بجامع الزيتونة، وتقلب في خطط علمية رفيعة الشأن، فتقلد خطة التدريس من الرتبة الثانية في الثاني عشر من ربيع الأول سنة ١٢٦٥ خمس وستين، ثم في سابع جمادى الثانية من السنة الموالية لها ترقى إلى الرتبة الأولى، وأفاد الطالبين وختم كتباً مهمة ولما ختم مختصر السعد هنأه أحد تلامذة الدرس، وهو الموثق الفرضي المجود، المدرس الشيخ محمد البشير التواتي بقوله: [الطويل]

أبدر تمامٍ حلّ في طالعه السعد ... أمِ البرقُ يبدو من نواحي بني سعدِ

أم ارتفع الجلباب عن وجه بثنة ... فبانت ثنايا الدر في مجمع الشَّهد

فآنستُ وجهاً أنه الشمس في الضحى ... وأن الحيا قد حاك ورداً على نجدِ

وقد سدَّدتْ نحوي سهامَ لواحظٍ ... ليفعلنَ بي فعل المواضي من الهند

فبتُّ ونار الشوق وسط حشاشتي ... ولم تذق العينان طمعاً من البرد

زكم وعدت مقتولها بحياته ... فشاب ولم يظفر بمائسة القدَّ

وإني قنوع في الوصال بنظرة ... إلى الغادة الحسنا مبرَّرة النَّهد

فإن لامني العذال فالقصد صالحٌ ... لدى الناس مثل النار ليلاً على بند

تقيٌّ نقيٌّ ناسكٌ متورع ... هو الفاضل المحمود في القرب والبعد

إمام همام لوذعي وسيد ... من الشرفاء الطاهرين أولي النجد

خلاصة أخيارٍ ومفتاحُ كنزهم ... وبحر محيط لا يغيض من الورد

كمال لنا كشفٌ لكل ملمة ... خليل لطلاب العلوم أولي الرشد

رياضُ علومٍ كأس عذبٍ رحيقها ... أساس مبانيها يصول كما الرعد

كأنّه ليس في جيوش دروسه ... وفي معرك الألباب سيف بلا غمد

إذا ما تصدّى للبيان رأيته ... يصوغُ المعاني في البديع بلا جحد

وكم لهجت أنفاسه بجواهرٍ ... منظمةٍ كاللؤلؤ الدر في العقد

يفوق الورى في كل أمر يسودهم ... وغن ذكروا مجداً تقدم في العد

أيا ماجداً قد حاز كل فضيلةٍ ... ويا سيداً دامت له سبلُ الودَّ

فدونك بنت الفكرِ قد تمّ حسنها ... أتتك تهنّي في ختامك للسعد

<<  <   >  >>