للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولا غرو كونه في التحقيق، كعبة يحج إليها، وللتدقيق، عمدة يعول عليها، إذ قد انتهى في المعارف إلى أقصى أمدها، وكرع في بحرها لإثمدها، وملك أعنتها، وقاد أزمتها، فعلا قدرا، ولاح في سنا السّناء بدرا، وصار أولئك الصدور صدرا، وبالجملة فلسان القلم في وصف مدحه قصير، ومن أتى بأبدع مقال فإنما آتٍ بيسير. قال بفمه، وزير بلسان قلمه، العبد المسربل بسرابيل الخطا والأوزار، الراجي للتنصل منه رحمة العزيز الغفار، فقير ربه اللطيف، حسن بن عبد الكبير الشريف، أصلح الله حاله، ونعم بالتقوى باله، آمين. أهـ.

وقرظها الشيخ إبراهيم الرياحي بقوله: [الطويل]

كأنّك تهوى أنّ عذلك ينفعُ ... وهلْ كان عند الصب للقول مسمع

إذا كان من ذاتي رجوعي إلى الهوى ... فما نفع قولي: إنني لست راجع

وهل وقع الملزوم يوماً ولم يكن ... للزمه في ساحة الكون موقع؟

لذاك تراني كلما شمت بارقاً ... يسابقه من برق وجدي أدمع

فأمّا إذا تبدو محاسنُ (بيرم) ... فكيف تر الحربا إذا الشمسُ تطلعُ

سماءُ علوم كلما لاح لامعٌ ... تقفّاه منها ألمعٌ ثم ألمعُ

وبحرٌ فهوم يزدري الدرُّ عندها ... على أنه للنقل والعقل مجمع

وفي هذه الحسنا التي برزت هنا ... بألوانِ حسنٍ للمنازع مقنع

بدت للمنى روضاً وللعين قرة ... وفيها الذي عن ذا وذلك أنفع

فجاءت تهادى لا سوى السحرِ غنجها ... ولا ما سوى ماء الوسامة برقع

ترى بين معناها ورقّة لفظها ... عناقاً على نولْ الطبيعة تصنع

إذا اختصم النعمان فيها ومالك ... تقول لكل منهما فيّ منزع

ومهما ادّعاها العقل ردّ اختصاصه ... بها نصّ قولٍ بالحقيقة يقطعُ

وإن تفخرِ الفتيا بها فلكم بها ... لأهل القضا من تاج عز يرصع

فسبحان مختار الإمام محمّد ... لها وهو أدرى أيّهم هو موضع

وكيف وبيتُ الدين والعلم بيته ... وللمجد والتقوى مصيفٌ ومربع

وهيَ القرون المستطابة هديها ... على سنّة فضلى لها الدين مبدع

عفافٌ على وجد وعفو بقدرة ... وجاهٌ ولكن لم يدنسه مطمع

وخفضٌ على رفعٍ وتليينُ منطقٍ ... على أنه للصّلد في الحق يصدع

وفضل ثبات ما الرواسي رواسخاً ... لديه إذا طارتْ نهىً وهي وقّع

وقدرٌ تمنّى النجم نيل محله ... فكيف ترى من في الثرى فيه يطمع؟

إلى ما يفوت العد من كل حلية ... بها شمل أشتات الكمال مجمّعُ

فدمْ واحداً لا من يضاهيك في الورى ... وعزك موصول وأمرك يسمع

ولا تحتقر شعري وإن كان دونكم ... فقدركمُ من أبلغ المدح أرفع

ولكننّي حاولت شرح مودةٍ ... وشافع شعري في الوداد مشفع

وأزكى سلامٍ من سليم مودةٍ ... عليك بريحان الرضا يتضوّعُ

وأجابه الشيخ محمد بيرم الثاني عن ذلك بقوله: [الطويل]

بدتْ وهي أبهى من ذكاء وأرفع ... عقيلةُ فكر للمحاسن مجمعُ

تشير بطرف اللّخط فاتن ... له كل أرباب الصّبابة خضّعُ

لقد جمعت ما بين رقة لفظها ... وقوة معناها وذلك أبدع

ولكنّها حلّت من الفضل عاطلاً ... وليس له في ذلك الروض مرتع

فحاولت نفسي أن تقومَ بحقها ... وتشربَ من كأس أدارت وتكرع

فألفيتها وافتْ وعمريَ مدبرٌ ... ولم يبقَ مني للصبابة موضع

وحال جريضي عن قريظي فلم أطق ... أجاوب عنها بالذي فيه مقنع

فحسبي دعاءٌ للذي صاغ تاجها ... بما هو في الدنيا وفي الدين ينفع

وقرظ الرسالة المذكورة الشيخ أحمد البارودي بقوله: [الرمل]

لؤلؤٌ نظّمَ أم درّ نثر ... أمْ سنا الفجر جلا وجهَ السحرْ؟

أم وميض البرق جنح الدّجى ... جاءه الغيثُ بماء منهمرْ؟

أم شعاعُ الشمس يتلوه ضيا ... في رياضٍ؟ إنها نورُ الشجر

لا ولكن نورُ علمٍ ساطع ... سافرٍ عن وجه شرعٍ منتشر

بمقولات الهمام المرتضى ... وتعاليلٍ بقولٍ مختصر

من فنونٍ تقصر الأفهام عن ... درك ما استخرج عنها بالفكر

فوجوه الحق منها تنجلي ... أنّ وجه الحق يجلى بالنظر

<<  <   >  >>