سلام على تلك البطاح من الربى ... وإن لها نوراً يرى يتوقد
سلام على تلك الليالي وليتها ... تعود وما ظني بها الآن تبعد
يقول لي العذال فزتَ بوصله ... وأدركت ما تبغي وما كنت تقصد
فقلت بعادي بعد وصليَ زادني ... غراماً وشوقي اليوم فيه مجدّد
فخلوا سبيلي إنني أطلب الدوا ... لعل دوائي فيه تحظى به اليد
فوجهت آمالي إلى باب سيّدٍ ... يرقُّ لحالي رحمةً ثم يسعد
هو الملك المولى الحميد مآثراً ... فحمودة باشا السعيد المؤيد
فأشكوك يا مولاي شوقي لبعد من ... غرامي به لا زال في الناس ينشد
قصدتك فضلا منك ترحم عبرتي ... رضاك الذي أبغي به أتزود
لوصل رسول بعد حج وعمرة ... فأبلغه منك السلام فتسعد
وأسأله عند اللقاء شفاعة ... إليكم وملكاً دائماً ليس ينفد
فحقق رجائي فيك يا خير سيد ... وأنجد ولا تمنع فإنك منجد
وإني ختمت المدح فيه مصلياً ... على من به ختمُ المديح ينضّدُ
سلامي عليه كلما هبت الصبا ... وما قام في أيكٍ هخزارٌ يغرّد
فلم يأذن له فاستعطفه ثانياً بالقصيدة الطويلة وهي قوله: [الرمل]
أركبُ الصّعب ولا يستصعبُ ... ومقامي بمقامي أصعبُ
وعتادي باعتنائي لكم ... راحتي الكبرى وذلك المطلب
وهو أني بهوائي شرف ... وانتظاري بلقائي يعزب
ولذيذ العيش بالبعد له ... من مذاق الصبر طعمٌ مكربُ
كريه منه بقرب لكمُ ... نعمة عظمى ورزق طيب
يعذب العذب ولكن إن تكن ... علة بالذوق لا يستعذب
فزلال الماء في ذوق الذي ... هام فيكم علقم لا يشرب
جرعةٌ من مائكم تكفي وإنْ ... لم يكن زادٌ كفاني العشبُ
أولا أعزُب من ذكري لكمْ ... بمديح، وهو مما يعجب؟
لا ةعمر الله ما يفضله ... من مذاق الشهد عندي مشرب
تنجلي بالمدح فيكمْ فكرتي ... لمعانٍ ليس عنها يرغب
لم تكنْ عندي ولا في طاقتي ... بل ولا عنها مديح يعرب
خالطَ الشوقُ غرامي فبدا ... لي ممّا لم أكن أحتسب
كلّما يذكرني ذكركمُ ... هزّني من جانبيَّ الطّربُ
يا بنات الحيّ من ذات القنا ... يا غصونَ البانَ لا تحتجبوا
حمّلوا البدر سناءً منكمُ ... إنّني أرجوه إذ ما يقرب
يا بدوراً أشرقت في ناظري ... دونكم هذا فؤادي فاغربوا
وهو وقف عليكم حبس ... أفترضون به إذ يخرب؟
من حقوق الحب ما عنه احتوى ... جفن عيني حب قوم أغربوا
من حقوق الحب ما عنه احتوى ... جفن عيني حب قوم أغربوا
واقبلوا في الرق أيضاً خبّةً ... فارحموا إن شئتمُ أو عذّبوا
كل فعل منكم عدل متى ... إن يكن رقي إليكم ينسب
أقبلوا رقي ففيكمْ كرمٌ ... وارحموا ذلي فأنتم عرب
أدركوني يا عريب المنحنى ... أدركوا صبّاً إليكمْ يرغبُ
أسرعوا لي إنني مضنى بكم ... قبل أن أقضي ودوني الحجبُ
لا تقولوا إنني أسلو الهوى ... ما لقلبي في هواكم تعب
ليس ما أرجو ولا بي مطلب ... غير ما أني له مرتقب
من رضاً عني وعفوٍ، إنه ... من جميل العفو أن لا تغصبوا
متِّعوني وصلكم أو شرّفوا ... من هواكم بذلوا ما كسبوا
لكن الحكمُ الإلهيُّ اقتصى ... قرب أقوام وقومٍ تحجب
فقلوبٌ قاسياتُ أبعدت ... وعقول راسخات تجذب
وعيونٌ ساهرات أمِّنتْ ... وجفونٌ نائمات ترهب
ومطايا صافنات أتعبت ... لخطايا مثقلات تنهب
في سطور بخطايا سطِّرتْ ... بمدادٍ من دموعي تكتب
فلسانُ الحال فيها كتبت: ... يمّمُوا لنجداً فنعم المذهب
هذه الكثبان منها قربتْ ... وإلى طيبة يسعى الطيب
أطيب الأيام يوم قيل لي ... فيه هذي طيبةٌ والكثب
هذه طيبةُ دارُ المصطفى ... عينها الزرقا لديكم فاشربوا
هذه حضرة من قيل له ... ليلة الإسراء: أنت الأقرب
هذه الرحمة حامت حولكم ... مزنها الهامي عليكم صيّب
هذه جنة عدن فتّحت ... لكم الأبواب منها فاقربوا