للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يا قبر من خدم العلوم دراسةً ... أحرى الفنون تلاوة القرءان

إذ قد أفاد بها وأبدى دقة ... فيها وأتقن غاية الإتقان

أعني حسيناً ذلك البارودي من ... ذو السؤدد الأسنى وذو الإحسان

من فد عنى علم الشريعة والهدى ... فرقى به لمراتب الأعيان

قد سرّ تونس ما فشا من علمه ... إفتاؤه في مذهب النعمان

لكنه لما أتى في سنه ... لما نفته فسيئ بالأحزان

دلت على حشر له لشعورها ... بتوقع في قابل الأزمان

قد كنت أعلم نفيها الأحداث ل? ... كن قد نفت في ذا قوى الإنسان

قد حل في شهر الصيام سقامه ... بالبطن أصلا قامع الغثيان

في خامس من ذاك كان وفاته ... ليجيب دعوة خازن الريان

لما توارى قلت في تاريخه ... (نت يا شهيد مؤَّنس القرآن)

الشيخ محمد بيرم الرابع هو الشيخ أبو عبد الله محمد بن محمد بن محمد بن محمد بن حسين بن أحمد بن محمد بن حسين بن بيرام، رابع آبائه في مشيخة الإسلام.

ولد ليلة الأربعاء منسلخ جمادى الأولى من عام عشرين ومائتين وألف نشأ بين يدي أبيه وجده وقرأ القرآن العظيم، ثم قرأ العلم الشريف، فقرأ على جده كتب مبادئ النحو إلى أن ختم عليه الألفية لابن مالك، وقرأ مختصر المنار وإيساغوجي والفقه والتوحيد ومصطلح الحديث وروى عنه قطعة من صحيح البخاري وأخذه عنه بسنده فيه، وقرأ على والده الشيخ محمد بيرم الثالث كتب مبادئ النحو والألفية ومبادئ المنطق والبيان والفقه، وقرأ على الشيخ ابراهيم الرياحي دروساً من لنحو والتوحيد وقرأ عليه السعد والمحلي وصحيح البخاري وتفسير القاضي البيضاوي وقرأ على الشيخ عبد الرحمان الكمال الدرة وشرح العقائد النسفية، وقرأ على الشيخ أحمد الأبي الفرائض والنحو والحديث، وقرأ على الشيخ محمد بن ملوكة شيئاً من الحساب والنحو والتوحيد.

ولما استكمل تعاليمه جلس للإقراء بالمدرسة العنقية وعمره ثماني عشرة سنة، وأقرأ بجامع الزيتونة إقراء تحرير.

ثم تقدم مفتياً ثالثاً وعمره سبع وعشرون سنة وذلك منتصف أولى الجمادين سنة ١٢٤٧ سبع وأربعين ومائتين وألف فتجمل للحظة وتجملت به. ولما توفي والده قدمه المشير الأول أحمد باشا باي لمشيخة الإسلام ونقابة الأشراف ومشيخة المدرسة العنقية وذلك في ربيع لأول سنة ١٢٥٩ تسع وخمسين ومائتين وألف، فوليها وعمره تسع وثلاثون سنة وزانها بحسن التنظيم وحفظ حقوقها وصادف أن كانت ولايته عقب وقوع الترتيب الأحمدي بجامع الزيتونة فضبطه وذب على حقوق العلماء وجمع شملهم وأجرى الأمور بجامع الزيتونة مجراها.

ثم جرى على يده تنظيم المجلس الشرعي وإقامة اجتماع المجلس الشرعي وإقامة دار الشريعة المعمورة، فأنشأ الترتيب المعجول بالمعلقة التي في صدر بيت اجتماع المجلس الشرعي، وبعد أن أنجز ذلك الترتيب من المشير الثاني أنكره بعض الشيوخ وتعقبوه بكتائب، ولما بلغ خبر ذلك لصاحب الترجمة كتب إلى لسان الدولة في ذلك بقوله: [الوافر]

سلامٌ نشره كالمسك فاحا ... جعلتُ لحمله طرسي جناحا

إلى علم البلاغة من تسامى ... بأعلى أفقها بدراً ولاحا

وبعد فإن ما حررت مما ... لدار الشرع أحسبه صلاحا

وأنفذ كتبه في اللوح جزما ... وخاطبني المشير به صراحا

تعقبه الشيوخ بأن فيه ... عليهم في تقرره جناحا

وأبدوا في البيان له وجوها ... لدى الإنصاف لن تلفى صحاحا

ولكن ما لهم ضبط قديم ... فقد كانت مصالحهم فساحا

ولما ألزموا في الحال ضبطاً ... أبى كل تحمله وباحا

ثم وقع العمل على إجراء ما بالملعقة المذكورة.

وتقدم خطيباً بالجامع اليوسفي فزان المحراب والمنبر، وخطب من إنشائه العذب خطباً بليغة، وختم فيه الأختام العزيزة، وكان صهره المشير الثاني محمد باشا باي له معه مودة أكيدة قربه بها وأشركه في سياسة الدولة.

<<  <   >  >>