للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وتقدم لخطة التدريس بجامع الزيتونة فزان الجامع بدروسه في المعقول والمنقول، وأخذ عنه كثير من الجهابذة الفحول، وتقدم لإمامة جامع محمد وباي مدرسة المشيخة الشماعية فزان صدريهما بدروسه العالية وخطب من إنشائه الخطب البليغة، وختم بالجامع الأختام التي هي أفخر الأختام حضر الأمير كثيراً منها واتخذها جهابذة العلماء محطاً لرحالهم، وتقدم لخطبة القضاء في ربيع الأول سنة ١٢٧٧ سبع وسبعين مائتين وألف فقام بأعبائها ورجع والده فشابهه في التطبيق والتنزيل وأصبح في دار الشريعة هو الفرد العلم، ومن يشاب أباه فما ظلم، وفي المحرم سنة ١٢٧٩ تسع وسبعين ومائتين وألف تقدم مفتياً ثالثاً، فأعاد على جامع الزيتونة ما ألفه من دروسه المحققة المحررة وتصدى للتدريس والإفتاء، على طريقة لا ترى فيها اعوجاجاً ولا أمتاً، وكتب الفتاوي المحررة وقد تصدى لتكميل حاشية والده على الدرر من أولها حيث إن شيخ الإسلام والده ابتدأ على الكتاب المذكور من النكاح.

ولما توفي الشيخ مصطفى بيرم صار هو ثنيان الفتيا وهو عماد أهلها علماً وفقهاً وخبرة بالسياسة الشرعية مع تضلع في العلوم العربية والأدبية بحيث إنه حامل رواية المعقول والمنقول، الآية الكبرى في الفروع والأصول، وتجمل بحسن الأخلاق ولطف المحاضرة وحسن تقلب في المذاهب السياسية والشرعية وعلو الهمة وحسن الملاقاة والبشاشة والكياسة والمعرفة بتاريخ البلاد، والأصالة التي ألحقت الأبناء بالآباء والأجداد، والإبداع في النظم والنثر والقلم السيال، في حسن الإرسال، والتصدي لنفع العباد بما فوق المراد، فقد بذل جاهه فيما نفع به كثيراً من الناس وله ميل إلى معالي الأمور وتخليد الذكر الحسن.

وقد قرأت عليه في مبدإ قراءتي غالب شرح القطر لابن هشام بحواشي الشريف ونبذة من التصريح، وقرأت عليه بعد ذلك دروساً في المطول من مبحث الفصل والوصل بحواشي المولى عبد الحكيم مع تحرير بديع، ثم قرأت عليه الفاتحة في تفسير القاضي البيضاوي بحواشي عبد الحكيم وكان يومئذ بصدد الكتابة على الحواشي المذكورة بحيث إنه تصدى لإتقان إقراء الكتاب المذكور بغاية الاعتناء وحضر بين يديه حينئذ كثير من جهابذة علماء العصر.

ولما توفي الشيخ محمد معاوية قدمه المشير الثالث محمد الصادق باشا باي إلى خطة مشيخة الإسلام يوم السبت السابع والعشرين من صفر الخير سنة ١٢٩٤ أربع وتسعين ومائتين وألف فزان الخطة المذكورة بمفاخرة التي لا تحصى.

وقد كاتبه الشيخ سالم بوحاجب مهنئاً بذلك بما نصه.

تبارك الذي أقر عيون المناصب الشريفة، بمصادقة ذوي الرتب العرفانية المنيفة، ووسع دوائر الإنتاج في كل إدارة، كلما زفت الصدارة، لمزيد الجدارة، فهناك تتواصل أرحام السداد، وتتعاضد فنن الاتحاد، بانضمام سهولة الانقياد، بحسن الاقتياد، وقد آذن بتفتق أزهار الرياض العرفانية، غرف هاته الأماني السنية.

[الكامل]

نبأٌ أدار سلافة السَّرَّاءِ ... وأدال تهنيةً عقيبَ عزاءِ

بدءاً نعى شيخ الشيوخ المنتجي ... بسليم قلب أرحم الرحماء

وبإثر ذا هجم السرور على الأسى ... كهجوم جيش الصبح بالظلماء

أن قد تبوأ رتبة المرحوم من ... هو منه منزل مبدع الأبناء

العالم ابن العالم ابن العالم اب ... ن أماجد الأجداد والآباء

فلتهن مشيخة الإسلام ... ول

تعد الشباب بأحمد الأكفاء

فلبيتها الخوجي عادت رغبة ... والعود أحمد مفصح بثناء

سيدي وملاذي، وابن المقدس سيدي وأستاذي، أدام الله بمجدك الأثيل مسرة أصدقائك، ولا حجب العيون عن الاهتداء بنور ارتقائك.

<<  <   >  >>