والدي قاضي جبل المنار الشيخ أبو النور عثمان بن الكاتب الشيخ محمد المهدي ابن قاضي الحضرة الشيخ محمد السنوسي المتقدم الذكر ابن مفتي بلد الكاف الشيخ عثمان بن الحاج محمد بن احمد عرف بن مهنية من حفدة ولي الله الشريف سيدي عساكر بن ضيف الله بن محمد بن منصور القصوري صاحب الشجرة الشهيرة في الشرف، المعروفة عند من سلف وخلف، وسبق في ذكر المولى الجد سرد سلسلتها المباركة، وهنا نتيّمن بذكر ترجمة سيدي عساكر أداء لحق أبوته رضي الله عنه. أما اتصال نسبه بالحسن بن علي بن ابي طالب وفاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه امر مفروغ منه، وقد أخبرني والدي أن شجرة الشرف كانت بدارنأن وعند البحث تبيّن أن جميع سكان القلعة التي بها مقام الشيخ يتناقلون خبر شرفه رضي الله عنه، ويقولون إن اصله من المغرب الأقصى، وإن الشيخ سيدي عساكر والشيخ سيدي عبد الجواد والشيخ سيدي عبد الله بوكريشة الأولياء الثلاثة المدفونين بالقلعة المذكورة هم في النسب من بيت واحد. وبالبحث عن رسوم شرف أحد هؤلاء الثلاثة وقفت على شجرة تامة تتضمن أنّ الشيخين المذكورين من ذرية الشيخ سيدي منصور القصوري دفين سقبنارية قرب الكاف وذلك أنّ الشيخ له ولدان أحدهما سيدي محمد بفتح أوله وهو والد الشيخ سيدي عبد الله بوكريشة وأخيه سيدي مرزوق وهو جد سيدي عبد الجواد بن محمد بن مرزوق وأخيهما سيدي ضيف الله والد سيدي عساكر، فهو عساكر بن ضيف الله بن محمد بن منصور رضي الله عنهم، وجدهم سيدي منصور المذكور من أولاد بوعنان من بني مطهر وهو منصور بن إبراهيم بن محمد بن عامر بن موسى بن عبد الله بن عثمان بن بخت بن عياد بن ثابت بن منصور بن عامر بن موسى بن مسعود بن علي بن عبد المجيد بن عمران بن محمد بن داود بن علي بن عبد الله بن ادريس الأصغر بن ادريس الأكبر بن عبد الله الكامل بن الحسن المثنى بن الحسن السبط ابن علي وفاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهو شريف ثابت النسب. قدم من المغرب إلى تونس فصادف يوم وفاة الشيخ سيدي أحمد بن عروس صبيحة يوم السبت ثامن صفر الخير سنة ٨٦٨ ثمان وستين وثمانمائة فوجد وصاية له من الشيخ يأمره فيها بالتوجه إلى الكاف للشيخ سيدي ابن حرز الله، فخرج إلى الكاف ثم إنّ الشيخ سيدي ابن حرز الله أمره بالخروج حول البلد فأقام هنالك إلى أن توفي ودفن هنالك بزاويته المشهورة ودفن بعده ولده محمد هناك، ثم تنقلت أبناء سيدي محمد المذكور إلى القلعة وبها ضريح سيدي عبد الله بوكريشة بن محمد بن منصور وسيدي عبد الجواد بن محمد بن مرزوق بن محمد بن منصور وأما الشيخ سيدي عساكر فقد خرج إلى خارج القلعة وكان صعب المراس، ولما توفي دفن بزاويته الكائنة خارج قلعة سنان، وهو من الأولياء المشهورين المنادى بهم في كل ملمة، وقد توسل بهم الشيخ سيدي عبد السلام الأسمر في بعض شطحاته حيث يقول: وعساكر والحلاجي، والحارثي وهنية.
ويقال له: سيدي عساكر بوعبانة، وذلك أنه بعد وفاته كثيراً ما يظهر حول زاويته ملتحفاً بعبانة سوداء وكراماته كثيرة محفوظة منها أنه خرج في بعض الأيام فأتى إلى زوجته السيدة خديجة سبعة رجال راكبين على أفراسهم وراموها بالسوء فحضر الشيخ في الحين فركبوا أفراسهم فأدركهم الشيخ، وأمسك الأعنّة السبعة قال على بركة الله فوقع الجميع في الأرض، والأسد يحضر إلى زاويته ولا يؤذي أحداً قيل إن أهل الزاوية كانوا مهما ذبحوا ذبيحة إلا تركوا الرأس والسقط للأسد فيحضر لأكلهأن وتراب الزاوية إلى هذا الوقت معدن للبركة فما وضع في طعام إلا بورك فيه، وسبب ذلك أن إحدى بنات الشيخ قدم عليها أضياف وقلّ عندها الطعام فأضافت شيئاً من تراب الزاوية فكفى ببركة الشيخ فاعتادوا ذلك، ولم يزل أمراً مجرباً إلى هذا الوقت يحضر لمناديه في بعض الأحيان بشخصه، تعرض قطاع الطريق لرجل هناك فقال عند ربي وعندك يا سيدي عساكر فحضر من حينه وافتكه من قطاع الطريق فرجعوا فراراً فطلبه الرجل فلم يجده رضي الله عنه.
وقد سبق ذكر التعريف بحفدة هذا الولي إلى المولى الجد في القضاة المالكية قدس الله أرواحهم وإنما نذكر هنا من بعده من أصولي الذين كان الغرض هو حفظ نسبهم فنقول: إنّ الجد المذكور قدس الله روحه كان له ثلاثة ابناء وهم الشيخ محمد المهدي والشيخ إبراهيم والشيخ محمد سميّ والده.