دار الغرور فما تدوم على صفا ... بل لا تزال على النواء بسافرةْ
إنّ التقيّ من امتطاها قاصداً ... دار الجزا ذات القصور الفاخرةْ
كالفذِّ عثمان السنوسي من له ... بالذكر في الأسحار عين ساهرةْ
قاضي لدى جبل المنار ومن غدا ... بالحقّ للأنامِ أوامرهْ
وخطيبه اللسن الذي من وعظه ... للخير قاد ذوي النفوس النافرةْ
وهو الشريف ومن سما في خطة الت ... وثيق ما في العصر شخص ناظرهْ
أبدى فتاوي جدّه في نظمه ... في لقط درٍّ في البحور الزاخرةْ
يا من يؤم ضريحه قف سائلاً ... رضوان خالقه له في الآخرةْ
وانظر إلى عبر الذين مضوا وقد ... حازوا من الذكر الحميد مفاخره
حتى ترى في خير تاريخ حوى ... (قاضي المنار جوار قاضي الحاضرة)
ورثاه العالم الماجد الأكتب الشيخ سيدي حمودة تاج بقوله: [الكامل]
فوض إلى الله الأمور وردّد ... فاجع العلا والمجد دون تردد
ياحبّذا رجل يقضّي يومه ... مستوفزاً يزداد زاداً للغد
ما أمر ذي الدنيّا ولا لذّاتها ... إلا كطيف زار مقلة أرمد
أو ما فقدت بها أبا النورين عث ... مان السنوسي ذا التقى والسؤدد!
من بعدما زان المنابر والمزا ... بر شائداً لبناء ذاك المحتّد
وقضى على جبل المنار فشاهدوا ... عدلاً جبلياً كحدِّ مهّند
والعلم والعمل الرفيع إذا هما أج ... تمعا بشخص حلّ أشرف مقعد
فأنا أرى ذا الرمس حول جنة ... منحوتة من عسجد وزبرجد
فأرى لها وأختار وقتاً صالحاً ... لرحيله لسنى النعيم السمد
وبعيد غيبته أتى تاريخه ... حضر الجنان بأمر يوم المولد
ورثاه الأديب الأبرأن والدّرّاكة الألمع الشيخ سيدي أحمد أديب المّكي بقوله: [البسيط]
أقبر عثمان فيك العلم والطيب ... ومن به ظهرت فينا الأعاجيبُ
قاضي المنار الذي باهت بمحتده ... ما في الوجود من الناس الأعاريبُ
ثوى ببطنك فاستجرى محاجرنا ... دمع له الدهر تصعيد وتصويب
وبالضمائر منا كل ما ذكرت ... أبناؤه الغرُ إضرام وتلهيب
بكاه منبره السامي ومن حسنت ... بحكمه فيهم دقت أساليب
وودَّ كلُ حبيب لوفدته به ... مخالب الحادث السود الغرابيب
وغير مجدٍ لأن الخلق أجمعهم ... في ذا السبيل لهم سير وتأويب
فيا ضريحاً به قد فاز لا برحت ... تسقيك من رحمة البار أنابيب
وترتضي ألسناً قالت مورخة ... (أقبر عثمان فيك العلم والطيب)
وورثاه الأديب الأبرع، المتفنن الأبرع الأكتب الماجد الشيخ سيدي البشير الأكودي بقوله: [الكامل]
لا تجزعنَّ فكل شىْ فان ... واصير لحكم مكون الأكوانِ
أين الفرار من الحمام وهوله ... أين الفرار ولات حين أوان
قدم لنفسك ما استطعت من التقى ... زاداً لترحل كل أتٍ دانٍ
فإذا فعلت لقيت ربك سالماً ... سكنت فضلاً جنة الرضوان
كالشيخ عثما السنوسي الذي ... من فقده دمع المنابر قانٍ
فضلاً عن الأبناء والأحباب وال ... إخوان والأعمام والجيران
قد كان ذا وعظٍ يحرك وجد من ... في قلبه حظ من الايمان
وقضاؤه بالعدل كم أجراه في ... علمِ المنارِ بمحكم التبيان
وعفافه وتقاؤه لا يمكن التع ... بير عنه بخاطر ولسان
ذاك الشريف ابن الشريف ابن الشري ... ف المعتلي شرفاً على كيوان
سحّت عليه هواطل الرحمات من ... ربٍ رحيم مشفقٍ رحمان
وله الهناء بما لديه من الرضى ... والصفح والغفران والإحسان
وكفاك فال جاء في تاريخه ... هنئتم ُعثمان بالجنّان
ورثاه العالم الماجد الأكتب ابن عمه الشيخ سيدي محمد بن إبراهيم السنوسيّ بقوله: [الطويل]
ألا في رضى الرحمن تسعى الأفاضل ... فتباً لمن عن ذلك السّعي عادلُ
وتعساً لمن لا يوقظ الوعظ قلبه ... ويزعم أنّ الرشد ماهو فاعلُ
فلا تغترر يا صاح فالموت عبرة ... وكلّ امرئ إلى الموت آيلُ
وإيّاك والدهر الخؤون فإنّه ... يزخرف للإنسان ما هو باطل