الثبات على المحبة في كل حال، فمن اتصف بالموّدة لهم لم يؤاخذهم لما يطرأ في حقه منهم، بل يتركه محبة وإيثارأن إذ كل ما يفعل المحبوب محبوبه. وروى أن الحسن تلا قوله تعالى:"يوجد آية" ثم قال: إنّ الحسنة مودّتنا أهل البيت وقال محمد ابن الحنفية في قوله تعالى: "يوجد آية" لا يكون المؤمن إلاّ وفي قلبه ودّ لأهل البيت لقوله عليه الصلاة والسلام: لا يؤمن عبد حتى أكون أحب إليه من نفسه، وعترتي أحبّ إليه من عترته، وأهلي أحب إليه من أهله، وقال عليه الصلاة والسلام:"أدبوا أولادكم على ثلاث خصال حب نبيكم وحب أهل بيته وقراءة القرآن، وقال عليه الصلاة والسلام": حب آل محمد خير من عبادة سنة، ومن مات عليه دخل الجنة وقال عليه الصلاة والسلام: أنا شجرة وفاطمة حملها وعلي لقاحهأن والحسن والحسين ثمرهأن والمحبوبون لأهل بيتي ورقتهم في الجنة حقاً حقأن وقال عليه الصلاة والسلام: لا يحبنا أهل البيت إلاّ مؤمن تقي ولا يبغضنا إلا منافق شقي، وقال عليه الصلاة والسلام: اشتدّ غضب الله وغضب رسوله وغضب ملائكته على من آذاني في عترتي. وروي عنه عليه الصلاة والسلام أنّه دخل عليه عمه العباس فقال: يا رسول الله إنّا لنخرج فنرى قريشاً يتحدثون فإذا رأيونا سكتوا فغضب رسول الله عليه الصلاة والسلام ودرّ عرق بين عينيه ثمّ قال: والله لا يدخل الجنة قلب امرئ مسلم إيمان حتى يحبكم لله وقرابتي ثم قال أيّها الناس من آذى عمّي فقد آذاني، وقال لو أنّ رجلاً صفّ أي جمع قدميه بين الركن والمقام فصلّى وقام ثم لقي الله وهو مبغض لآل نبيّه دخل النار، وقال صلّى الله عليه وسلم: من لم يعرف حق عترتي والأنصار والعرب فهو لإحدى ثلاث إمّا مريب أو منافق أو حملت به أمّه من غير طهر، وقال عليه الصلاة والسلام: والذي نفسي بيده لا تزول قدم عن قدم يوم القيامة حتى يسأل الرجل عن عمره فيما أفناه وعن جسده فيما أبلاه وعن ماله مّما اكتسبه وفيما أنفقه وعن حبنا أهل البيت وروي في قوله تعالى: "يوجد آية" أي عن ولايته أهل البيت، والمعنى أنّهم يسألون هل والوهم حق الموالاة كما أوصاهم النبي عليه الصلاة والسلام أم أضاعوها وأهملوها فتكون عليهم المطالبة والمؤاخذة بذلك وعنه عليه الصلاة والسلام أنّه قال: من آذاني في عترتي فعليه لعنة الله، وقال عليه الصلاة والسلام: إنّ الله حرّم الجنة على من ظلم أهل بيتي أو قاتلهم أو أعان عليهم أو سبّهم، وقال عليه الصلاة والسلام: رأيت ليلة الإسراء مكتوباً على أبواب الجنة والنار أذذل الله من أهان أهل البيت، إلى غير ذلك من الآيات والآثار الدالّة على منقبتهم السميّة، وسمو رتبتهم العلية، ممّا لو تتبعناه لأفضى بنا إلى التطويل وحسبنا الله ونعم الوكيل. وفيما ذكرناه كفاية لمن أناب، وليتذكر أولو الألباب.
هذا ولمّا اطّلعت على هذه الشجرة الباسقة وانتظامها في سلك السادات الأشراف وعقودها المتناسقة، ثبت عندي بمقتضاها شرف الثقة الأعدل الأبر الشريف السيّد الحاج عثمان بن الأكتب النحرير الشريف السيّد محمد ابن العلاّمة العامل المؤلف الشريف السيّد محمد السنوسي قاضي الجماعة بتونس ابن العامل الفاضل الشريف السيّد عثمان المفتي ببلد الكاف ابن الناسك الأبر الشريف السيّد الحاج محمد بن الوجيه الصفوة الزكي الشريف السيّد أحمد عرف بن مهنية أحد حفدة الولي الصالح البركة الشريف السيّد عساكر دفين قلعة سنان من عمل كاف رضي الله تعالى عنه وأرضاه آمين، ولذلك أطلقت لسان الشكر على ما لأهلها من الأنتساب، إلى رفيع ذلك الجناب والله يبلغ المأمول، وبالمعاملة والقبول. قال ذلك وحرره الفقير إلى مولاه الغني به عمن سواه عبده محمد العربي البشير الإدريسي الحسني الشريف نقيب السادة الأشراف بالحاضرة التونسية وقطر إفريقيا عامله الله بألطافه الخفيّة آمين بتاريخ الثامن عشر من قعدة الحرام عام ١٢٩٦ ست وتسعين ومائتين وألف من الهجرة النبوية على صاحبها أفضل صلاة وأزكى تحية.
وكانت وفاته ليلة الأحد الرابع عشر من ربيع الأوّل عام ثلاثة وثلاثمائة والف ودفن بمقبرة القرجاني بجوار والده وجدّه قاضي الحاضرة ورثاه بما نقش على قبره العالم الماجد المدّرس الشيخ سيدي محمد جعيط بقوله:[الكامل]
طلب الحياة هدى النفوس القاصرة ... ما العيش إلاّ عيش دار الآخرة