للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وفي شوال سنة ١٢٨٧ سبع وثمانين ومائتين وألف ألزمني الشيخ أبو عبد الله محمد البارودي للإقراء بجامع الزيتونة، وأول كتاب ختمه بالإقراء بجامع الزيتونة شرح الشيخ ميرة على ابن عاشر وعند ختمه حضر كثير من مشايخي وإخواني وقد كتبت على خاتمة النظم المذكور كتابة لطيفة.

وفي جمادى الأولى سنة ١٢٩٠ تسعين ومائتين وألف استدعاني شيخ الإسلام أبو عبد الله محمد معاوية للمناظرة بتذكرة فكتبت عليها قولي: [المتقارب]

أناظر لا أختشي يومها ... فعوني الإله بنصري كفيل

وأدخل في جمعهم صادحا ... بحسبي إلهي ونعم الوكيل

وتعين للمناظرة مبحث المطلق والمقيد من جمع الجوامع بشرح المحلي فكتبت على المبحث المذكور ورقات وحضرت بالجامع لإلقائها فإذا بالمنازع تأخر عن الحضور وبسبب ذلك تأخرت المناظرة.

ولما قرأت مختصر السعد بجماع الزيتونة كتبت في مبحث الملكة رسالة في المقولات العشر.

ولما قرأت علم العروض نظمت فيه أرجوزة جمعت فها فنون العروض والقوافي والقريض أحسن جمع قلت في فاتحتها: [الرجز]

بدرة الحمد نظامي نبتدي ... مصلباً على الرسول الأحمد

ولما كان مقتضى ترتيب جامع الزيتونة أن التآليف الجديدة يلزم أن تعرض على المشائخ النظار وهم شيخنا الإسلام والقاضيان عرضتها عليهم فكتبوا عليها بخط الإسلام من إنشائه ما نصه: الحمد لله، وصلى الله على سيدنا محمد وأتباعه، قد وقفت على هاته الأرجوزة الوجيزة، التي أثبتت لمنشئها براعته وتبريزه، وكانت لسلالتها ونصاعة ألفاظها وصحة معانيها واستقامة أغراضهأن سهلة التناول لمداوليها وحفاظها فأجزنا للطالبين منفعة واجتناء ثمار فوائدها من مجانيها.

كتبه أفقر العباد لربه تعالى أحمد بن الخوجة كان الله له في شهر رجب من عام ١٢٩٧ سبعة وتسعين ومائتين وألف ومن الفقير إلى ربه محمد الشاذلي بن صالح أصلح الله حال الجميع آمين ومن الفقير إلى ربه محمد بيرم ومن الفقير إلى ربه محمد الطاهر النيفر كان الله به بمنه آمين.

وقرظ هاته الأرجوزة أحد تلامذة الدرش الشيخ أحمد بن الصادق بن محمد القريشي السقاط بقوله: [الكامل]

يا رائماً تهذيبه لقريضه ... خذ درة تكفيك علم عروضه

تحوي موازين الخليل وبعدما ... يخفى على الحذاق درك وميضه

سمحت بها كف السنوسي الرضى ... فاغنم هنيئاً من كنوز فيوضه

واشكر لمن أسدى لنا نفعاً وإن ... أودى فؤاد حسوده وبغيضه

نهضت عزائمه لنشر العلم في ... نفه الورى الله در نهوضه

وإذا انتقى الله امرأ لسعادة ... ظهرت بمرأى الناس حبك عروضه

فأقبل أبا عبد الإله عجالة ... شكراً وشكر العلم من مفروضه

لا زلت في العرفان طود معارف ... والعبد يرفل في حلى تقريظه

وقد نظمت متن المقدمات السنوية في علم الكلام تسهيلاً للطالبين ونظمت عدة قواعد وضوابط في فنون شتى، وفي أثناء مدة قراءتي تعلقت بالأدب وتعاطيت حفظ المقامات الحريرية وغيرها من مواده نظمت شيئاً في ذلك العهد كنت أحسبه من الشعر وليس منه في شيء إلا أنه في أواخر سنة ١٢٨٦ ست وثمانين ومائتين وألف صار شعراً يرغب فيه سامعوه ولا أدع حسن بعضه وأرسلته إلى عدة جهات حتى كنت في ذلك العهد أنشد قول الشاعر: [المتقارب]

أراني ابن عشرين أو دونها ... وقد طبق الأرض شعري مسيرا

إذا قلت قافية لم تزل ... تجوب السهول وتطوي الوعورا

استغفر الله إن ذلك لمن غلط الصبا تجاوزه الله عنا آمين.

وقد اعتنيت بجمع أشعار أهل البلاد وجعلتها كتاباً سميته (شفاء النفوس السنية بجمع الدواوين لتونسية) ترجمت فيه لكافة الشعراء التونسيين في مبدأ جلة أبناء المقدس حين بن علي تركي إلى هذا العصر الأخير، جاء كتاباً يحتوي على أجزاء كثيرة أربى شعره كثرة على قلائد الأندلسيين ويتيمة العراقيين وقد قرظه كثير ممن وقف عليه ومن لطائف تقاريظه ما قرظه به أخونا الشيخ سيدي محمد بن الخوجة وهو قوله: [البسيط]

الراح تقصر عما صغت من أدب ... فلا تسل ما أصاب القلب من طرب

وأين من خمرة الآداب ما عصرت ... من دوحة الكرم الدرية الحبب

هذب حرام وتلك الشرع حللها ... فانظر لآلئها أعلى لدى الرتب

<<  <   >  >>