واهب الدر الثمين، ومجرى مناهل التعليم بالعذب المعين، الشاب الظريف، صاحب الخلق اللطيف، علي الكعب علي المتنبي، تادرس أفندي وهبي، لازال سعيه مشكورأن وبكل مزية مذكورأن فاتخذته أعظم عده، لمواصلة المودة، وأنى للبين، أن يقصر الخلة على العين، فشكراً لهاته الهبة العظيمة، التي اتخذتها فخراً وتميمه، وكفاني شهادتها التي تشهد لصاحبها بأعز شيمه، وإن كان استحسانكم لصحيفتنا التونسية، مما يؤكد أنكم إنما نظرتم لنا بالعين الرضية، وبذلك بادرت إليكم بإرسال أعداد هذا الشهر مع عدد في كل أسبوع، لعلكم تستحسنون منه ذلك الموضوع، وعلى كل حال فإنا نرجو من الله تعالى أن يحفظنا من مزالق الأقدام، ومزلات الأقلام، حرره خادم العلم الشريف بجامع الزيتونة محمد السنوسي، منشي الرائد التونسي، أخذ الله بيده تحريراً في ٢٥ ربيع الثاني ١٢٩٤ أربع وتسعين ومائتين وألف.
وقد أعاد علي المكاتبة مجيباً عن ذلك بما نصه: نخبة العلماء الأعيان، وعمدة فضلاء الزمان، العلم الشهير، والعلامة النحرير، صاحب المآثر المأثورة، والمفاخرة المشهورة، والمقالات الفريدة التي سارت بها الركبان، والرسائل المفيدة التي تشهد لجنابه بالفضل والفوقان، وأحرز قصب السبق في ميادين البيان، أدام الله إجلاله، وحرس بعين عنايته كماله.
أما بعد فبينما أنزه الطرف في رياض الأدب في بعض الأيام، مغتبطاً من أفنان فنونها ما نطفي به الأوام ويشفي من السقام، منكباً على مطالعة صحف الأخبار، المنبئة عما حدث من الوقائع في جميع الأقطار، حظيت بجريدتكم الغراء التي طالما تشوقت إليهأن وتشوفت إلى اجتلاء محاسنها والاطلاع عليهأن فاستدللت من رقة ألفاظها على أنك من أفراد فحول الرجال، السابقين في ميادين المقال، البالغين أسمى درجات الفضل والكمال، فكان ذلك باعثاً لي على تحرير نميقتي السابقة إليك، المتضمنة بعض ما يجب من الثناء عليك، وقد عددت ذلك من اعز المقاصد الجليلة، والوسائل الأدبية الجميلة، حيث إن دأبي التودد إلى كل من نبغ في الأدب، وبلغ من إحراز المعالي غاية الأرب، وإذا بكتاب منك قد تحمل نفائس الأداب، ويأخذ ما انطوى عليه من السحر الحلال بجامع الألباب، سرحت النظر في رياض ألفاظه الرائقة، معانيه الفائقة، ومبانيه المتناسقة، فأيقنت أني قصرت في الثناء عليك، بل أخطأت في إرسال مثله من التحرير إليك، لاسيما بما تضمنه من إرسال الرائد في كل أسبوع إلينأن وتضلكم بهذه المنن الكبرى والنعم العظمى علينأن ولم أعلم بأي ثناء أثني على كمالك، أم بأي لسان أشكرك على فضلك وإفضالك، وقد شاع صيتك بالبراعة وذاع، وملأ في كافة الممالك الإسلامية وغيرها الأسماع، حيث إنك القائم بالذب عن حقوق الأمة، المناضل بسنان اللسان عن مصالحها المهمة، فأطرقت خجلاً في ذلك المقام، والتمست عذراً ينفي عني الملام، فلم أجد سوى إحكام المحبة والوداد، فاعتمدت عليهما في ستر ما فرط مني على غير المراد، ثم لما كانت الهدايا أعظم عده، لمضاعفة المودة، أحببت أن أهديك بهدية فائقة، تكون بمقامك الجليل لائقة، فلم ألف افضل من العلم الشريف، الذي اشتهرت به في سائر الأقطار وقصرت همتك على درسه آناء الليل وأطراف النهار إليك برسالتي الموسومة بالخلاصة الذهبية، في علم العربية، مع اعترافي بأنها من سقط المتاع، لاتستحق أن تشتري ولا تباع، نعم غذ لحظتها الهمة العالية، وفازت بالرعاية السامية، اكتسبت شرفاً يتقيد في صحف الأخبار، ويتخلد في بطون التواريخ على ممر الإعصار، على كل حال، فالرجاء قبول هذه الهدية وتبليغ الداعي بذلك غاية المقاصد والأمنية.
كما أني أرجوك أن لا تحرمني رسائلك على الدوام، ومني إليك مزيد السلام، والتحية والإكرام الداعي تادرس أفندي وهبي معلم اللغات بمدرسة حارة السقائين بمصر القاهرة تحريراً في ٢٧ ج الأولى سنة ١٢٩٤ أربع وتسعين ومائتين وألف.
وكاتبني العالم الفاضل الشيخ ابراهيم الأحدب رئيس الكتاب بالمحكمة الشرعية ببيروت الشام ومنشيء صحيفة ثمرات الفنون بما نصه:[مجزوء الكامل]