وصلة الأدب، تقتضي بما تقتضيه لحمة النسب، وتحمل البعيد أن يحل بالقرب إلى صاحبه من كل حدب، وحكمة فنونه تحكم على الأديب أن يتفنن في ترسله وإنشائه، وأن يحمل يراعته أن تسجع بما تزهو به أوراقها زهو الروض بسجع ورقائه، فلهذا جنيت من طرح ثمرات الفنون، كما راد فكري أيها المولى الجليل في رائده ما قرت به عيون، وأتى بفصول وصلت بآدابها الحكم، وفصلت عقود من البادئع روائع بحلي ذات البند والعلم، فراق منثورها في ذلك الروض الأريض، ورق سجع ورقها في نواره فنظر إليه الحسن بطرف غضيض، وقد تعرف بذلك خليل ودك ابراهيم على رغم من لا يطيب له نشر، ووقف على الدقيق من جليله الذي حث أسراب المعاني فطاف نشره بالحشر، فاعترف بأنك بديع الزمان، وحسان البلاغة وسحبان البيان، حيث بعثت هؤلاء القوم بعارضة بيانك، ونشرت من محاسنهم ما زاد حسناً من إحسانك، فأنست بك تونس ولم تشك وحشة بفقد الأديب، ورأت من أنفاسك أبا الطيب فلم تبك من ذكرى الحبيب، وقد باهى الغرب بآدابك الشرق، وأدرك بك الجامع ما بين القطرين من الفرق، إذ كان لذكرك في مفرق غانية الأدب أطيب عبق، ولشكرك بكل لسان ما يسوغ في لهاة الولي فيدع العدد عاني شرق، (فإنك الفاتح لما اغلق من أنداب أبواب الفنون، والخاتم لما سبق من آيات الفضائل التي عظمت لها شؤون، ختمت بك يا محمد رسل البديع فلم تصدق بدعوى رسالة لسواك، وأتى كلامك بما هو فوق طوق البشر من معجزه الذي وصلته بكل كرامة يداك، ولا تنكر كرامات محمد عند الله ومعجزاته، وقد جاءت خوارق للعادات في دعوى الرسالة آياته، ولا عبرة بمن جحد الحق كفرأن وزاد بإصراره على الباطل إصرأن وإن ابراهيم الذي وفىّ مصدق بدعواك، ومتشوق إلى زيادة تصديق الخبر بالخبر عند رؤياك) وثناؤه متوال عليك وغن كان من أهل السنة بلامين، وهو يحب الحسن ولا ينسى ما عليه في تونس أيادي الحسين، كما لايزال يرتل آيات الشكر في صفحة لنجل اسماعيل، ويعترف أن رقيق فضله عليه في كل حين جليل، فاعرف ذلك ايها المولى الكريم، واحفظ بما يكون صنائع النشر خلة ابراهيم، وأقبل هاته الأبيات التي استوحشت من سواك وهي بك أوانس، وقد أحدق بها الحسن فتشبهت بها الحدق النواعس، والله تعالى يديم يراعك قائماً بتسطير الحسنات وإن كان يعبد الله على حرف، ويخلد عرفك في أولياء محبتك بما يصيب له على رغم معاطس الأعداء عرف، ويفتح على هذا المحب من الخير ما لايغلق له باب، ويجعل خطى قلمه غير خاطئة في ثنائك على طريق الصواب، اللهم آمين في ذي القعدة سنة ١٢٩٧، الداعي كتاب محكمة بيروت الشرعية محرر ثمرات الفنون ابراهيم الأحدب والسلام.
وكتبت إليه مجيباً بقولي: [مجزوء الكامل]
بسمت لنا عن ثغرِ لاعسْ ... فسبت بكسر جفون ناعس
عربية الأعراق قد ... أزرت برائعة الكنائس
تهتز من خيلائها ... تيهاً على شم المعاطس
وتجر ذيلاً مثلما ... قد جر منه الذيل طاوس
وتميس في أردانها ... فترى جواذب قدّ مائس
وهناك تستبيء النهي ... وتبين فتكاً بالفوارس
فترى القلوب تذوب في ... أرجائها من نار قابس
لكنها كانت سلا ... ماً وهي برد في المجالس
إذ مسها إذاك اب? ... ?راهيم مصداق النفائس
المرتدي من فخره ... وكماله بحلي الملابس
من قد زهت آدابه ... فسما بها طيب المغارس
شيمت من الشام الذي ... شادت به فخر العرائس
ولمثل ذاك أنا بها ... في تونس الإيناس آنس
وردت كما جاء الشفا ... للذ من الحيوان آيس
فغدت مبتهجاً بها ... أروي حلاها للمجالس
وأرى التصابي بالمها ... لا أختشي من لوم حارس
وأقول إني للهوى ... نبِّهتَ بالحدق النواعس