أقول بعد حمد الله الذي به تنجلي الكربات، وتكشف البليات، وتسري النكبات، وتدرأ الرزيات، والصلاة والسلام على نبيه ومصطفاه، وحبيبه ومجتباه، صلاة تمحو آثار الكرب، وتهزم كتائب النوب، إني لما زحف إليّ الزمان بمحاله، وسقاني صرف كؤوس أهواله، وأجلاني من مقري، وكسا بجلباب الخسوف بدري، وكرَّ عليَّ بجيوش الكمد، وأعدمني الوالد والولد، فاستنسر عليَّ البغاث، وفقد المستصرخ والمستغاث، لم أزل أستجير من ظلمه فلا أجد مجيراً، واستنصر عليه ولا أوافي نصيراً، فأنا في غمار تلك الحال، ضجيع أوحال وأوجال، ناداني الفكر المطاع، بما لبته القلوب والأسماع، يا هذا لقد جئت شيئاً فريا، ونسيت من لم يك منسيا، أيا هذا الإنسان، المغمى عليه من تداول الأشجان والأحزان، حتى غفل عن الملاذ بذوي العرفان، الآسي ما تقرح من جراح الزمان، تالله لقد حدت عن الباب، والتمست الزكاة من غير مالك نصاب، وطالبت الضامن والمضمون حاضر، وتحيرت والأمن ظاهر، أين أنت عن أصفياء الله، وذوي الحمية والجاه، أين أنت عن المولى الذي ربضت الفضائل بناديه، ولبى المنى لمناديه، وعرجت الآمال بأرجائه، وآب قاصده برجائه، وانتشرت معارفه في الأقطار، ووكفت عوارفه كصيبات الأمطار، وكتبت على صفحات الزمان مفاخره، وصفت بواطنه وظواهره، سابق فبرز، ونال من المحاسن غايتها وأحرز، فأي عبارة تفي بعلياه وأي رام يطمع في بلوغ مرماه، هيهات هيهات ما هو إلا غرة هذا العصر، وحسنة من حسنات الدهر، تطلب المجد جاهداً، وتناول النيرين قاعداً، الجامع بين الشريعة والحقيقة، المتخذ الأتباع رفيقه وفريقه، فانتبهت لنداء الفكر من نومتي، وأفقت من غفلتي، علمت أني ظمئت والماء أمامي، وضللت وبجنبي إمامي، وأن المعني بالخطاب، والموجه إليك ذلك الجواب، وحامل لواء العرفان بلا ارتياب، الآتي من دقائق العلوم ورقائق الفهوم بالأمر العجاب، بقية أهل الإملا، والمدخر للجلى، حامي من بحماه احتمى، مروي صدى من أتاه على ظما، عمدتي وعياذي، وعدتي وملاذي، ومنبع إيجاري وإنقاذي، ومقصد تعريجي ولواذي، نتيجة قضايا الحجا ولا ريب ولا التباس، ومجمع أصناف الذكاء فأنى يضاهيه إياس، مظهر أساس العرفان حين تلاشت الأساس، لابس حلل التربية التي فيه حين نبذ ذلك اللباس، مولاي وأستاذي أبو العباس، سيدي أحمد بن باباس، لا زال مهتصراً من المعارف والعلوم أفناناً وأي أفنان، آية من آيات الزمان، ناشراً لسنة عنصر آل عدنان.