للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الخليفة المقتدر العباسي (١) أمر بمنع سائر المتطببين من التصرف إلا من امتحنه أبوه (٢).

ولم يكتف المسلمون بمنح الإجازة للطبيب، بل وراقبوه في عمله؛ يقول عبد الرحمن بن نصر الشَّيْزَرِيّ (٣) في كتابه «نِهَايَة الرُّتبَة في طَلَب الحِسْبَة» وهو يضع الشروط التي ينبغي توافرها في الفصادين والحجامين: «لا يتصدى للفصد إلا من اشتهرت معرفته بتشريح الأعضاء والعروق والعضل والشرايين، وأحاط بمعرفة تركيبها وكيفيتها لئلا يقع المِبْضَع في عرق غير مقصود أو في عضلة أو شريان فيؤدي إلى زمانة العضو (أي مرضه مرضًا مزمنًا) وهلاك المريض، فكثير هلك من ذلك» (٤).

لقد ذكر الدكتور البار في كتابه الختان دراسة أجراها الدكتور ياسر جمال وزملاؤه بينت الفرق الكبير في حدوث المضاعفات من عمليات الختان بين الخاتنين الأطباء وغيرهم (٥).


(١) هو: المُقتَدِر بالله أبو الفضل جعفر بن أحمد بن طلحة ابن المعتضد ابن الموفق الخليفة العباسي ولد في بغداد، وبويع بالخلافة بعد وفاة أخيه المكتفي سنة ٢٩٥ هـ فاستصغره الناس، فخلعوه سنة ٢٩٦ هـ ونصبوا عبد الله بن المعتز، ثم قتلوا ابن المعتز وأعيد المقتدر بعد يومين، فطالت أيامه، وكثرت فيها الفتن. وقتل على أيدي جماعة من المغاربة سنة ٣٢٠ هـ، وكان ضعيفًا مبذرًا، استولى على الملك في عهده خدمه ونساؤه وخاصته. راجع ترجمته في: «تاريخ بغداد» (١٠/ ٩٩)، «السِّيَر» للذَّهَبِيّ (١٥/ ٤٣).
(٢) هو: سِنان بن ثابت (ت ٣٣١) «عيون الأنباء» (ص ٣٠٠).
(٣) هو: جلال الدين أبو النجيب عبد الرحمن بن نصر بن عبد الله، العَدَوِيّ الشَّيْزَرِيّ، قاضي طَبَرِيَّا شافعي، نسبته إلى قلعة شَيْزَر سكن حلب، له كتب منها: «النهج المسلوك في سياسة الملوك» ألفه للملك الناصر صلاح الدين الأيوبي، و «نِهَايَة الرُّتبَة في طَلَب الحِسْبَة»، توفي -رحمه الله- سنة ٥٩٠ هـ تقريبًا. في راجع ترجمته في: «الأعلام» للزرِكلِيّ (٣/ ٣٤٠)، «مُعْجَم المؤلفين» (٥/ ١٩٧).
(٤) «نِهَايَة الرُّتبَة في طَلَب الحِسْبَة» تحقيق د. السيد الباز القريني، دار الثقافة، بيروت، الطبعة الثانية ١٩٨١ (ص ٨٩). نقلًا عن «المسؤولية الطبية وأخلاقيات الطبيب» للبار (ص ٣٦).
(٥) «الختان» للبار (ص ١٠٧).

<<  <   >  >>