للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الأنف]

لم أجد في شيءٍ من كتب المذاهب الأربعة خلافًا في كون الأنف منفذًا إلى الجَوْف يُفْطِر الإنسان إذا وصلت الأعيان منه إليه (١). ولكن ابن حَزْم -رحمه الله- لا يرى أنه يُفْطِر (٢).

ودليل الفريق الأول هو قوله -صلى الله عليه وسلم- للَقِيطِ بْنِ صَبْرَةَ -رضي الله عنه-: «وبَالِغْ في الاسْتِنْشَاق إِلا أَنْ تَكُون صَائِمًا» (٣) وهو يفيد أن صيامه يفسد بوصول الماء إلى حلقه من أنفه (٤) ..

وكذلك، فإن العام والخاص يدرك أن الماء يصل من الأنف إلى الحلق ثم إلى المَعِدَة.

أما ابن حَزْم -رحمه الله- فتمسك بأن السَّعوط (٥) والتقطير في الأنف لا يسميهما أحد من العرب الذين تلقوا الرسالة أكلًا أو شربًا.

والذي يقرره الطب الحديث - ولم يكن خافيًا - أن الأنف منفذٌ إلى الجَوْف، يشترك مع الفم في اتصالهما المباشر بالحلق، بل وإن الكثير من المرضى يتم تغذيتهم عن طريق أنابيب تُدْخَل من الأنف لتصل إلى المَعِدَة.


(١) انظر «بَدَائع الصَّنَائع» للكَاسَانِيّ (٢/ ٩٣)، «الشَّرْح الكَبِير» للدَّرْدِير (١/ ٥٢٣)، «المَنْهَج القَوِيم» للهَيتَمِيّ (١/ ٥٠٨)، «مطالب أولي النهي» للرَّحِيباني (الرُّحَيباني) (٢/ ١٩١).
(٢) «المُحَلى» لابن حَزْم (٦/ ٢٠٣).
(٣) «سُنَن أبي دَاوُد» كتاب الصوم، باب الصائم يصب عليه الماء من العطش (٢/ ٣٠٨). وقد سكت عنه أبو داود وصححه غير واحد.
(٤) قد يجاب عليه أنه استثنى المبالغة حال الصيام ولا يفيد حصول الفطر، ولكن لا يبقى معنى للتفريق إلا كون المبالغة قد تؤدي لإفساد الصوم.
(٥) في «حاشية الجمل»: بالسين المفتوحة لما يصب في الأنف، والمضمومة للمصدر. حاشية الجمل على شرح المنهج (٥/ ١٦٠).

<<  <   >  >>