للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[حاجة الفقه إلى الطب]

الفقه محتاج إلى الطب، ومن أمثلة ذلك:

• الحكم على حِل الأشياء وحرمتها قد يتوقف على معرفة نفعها أو ضررها، فالإسلامُ مبنيةٌ شريعتُه على جلب المصالح وتكميلها ودفع المفاسد وتقليلها. ومن أمثلة ذلك قولُ الشافعي: عن الماء المُشَمَّس: «ولا أكره الماءَ المشَمَّس إلا مِن جهة الطب» (١).

• الحكم في مسائل الحيض والنفاس والحمل وغيرها يحتاج إلى الرجوع لأهل الخبرة والاختصاص، فمن المتقرر أن ما لا ضابط له في الشرع أو اللغة يرجع فيه إلى العرف والوجود (٢). والوجود يضبطه الخبير به، وهذا هو الطبيب متى تعلق الأمر ببدن الإنسان.

• ويحتاج الفقيه إلى الاطلاع على المعارف والصناعة الطبية لإمكانية الحكم على شتى الممارسات الطبية، فإن الحكم على الشيء فرع عن تصوره.

• وكذلك يحتاج الفقه والفقيه إلى الطب لمعرفة حال الإنسان من الصحة والمرض، وهل هو مرض موت أم غيره، واختلال العقل، ونوع الخنثى، وبلوغ الطفل، ووجود العيوب التي يفسخ بها النكاح. فمن ذلك قولهم عن انتفاع العلوم الشرعية بالطبية: «أما منفعة الطب فيها [أي العلوم الشرعية] فإنه يُرجَع للطبيب في الأمراض؛ إذا أخبر المريضَ بأن الماء يضره تيمَّم» (٣).


(١) «الأُمّ» للشافعي (١/ ١٧). ونبين في البحث الخاص بهذه المسألة عدم ثبوت ضرره.
(٢) انظر «المنثور في القواعد» للزركشي (٢/ ٣٩١)، و «الأشباه والنظائر» للسيوطي (١/ ٩٨).
(٣) «حَاشِيَة البُجَيرَمِيّ» (١/ ١٨٥).

<<  <   >  >>